Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الهبة والموهبة لأبوين متباعدين
7 novembre 2011

ابن ميادة

ابن ميادة شاعر فصيح مقدم مخضرم من شعراء الدولتين وجعله ابن سلام في الطبقة السابعة وقرن به عمر بن لجأ والعجيف العقيلي والعجير السلولي

كان ابن ميادة أحمر سبطا عظيم الخلق طويل اللحية وكان لباسا عطرا ما دنوت من رجل كان أطيب عرفا منه

كان الرماح أشعر غطفان في الجاهلية والاسلام

ابن ميادة يتعرض للمهاجاة

أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال حدثنا الحسن بن الحسين السكري قال حدثنا محمد بن حبيب عن ابن الأعربي قال كان ابن ميادة عريضا للشر طالبا مهاجاة الشعراء ومسابة الناس
وكان يضرب بيده على جنب أمه ويقول
( اعْرَنْزِمِي مَيّاد للقوافي ... ) أي إني سأهجو الناس فيهجونك
وأخبرنا يحيى بن علي عن أبي هفان بهذه الحكاية مثله وزاد فيها
( لإعْرَنْزِمِيّ ميَّادَ للقوافي ... واسْتَسْمِعيهنّ ولا تَخَافِي )
( سَتجدِينَ ابنَكِ ذا قِذَافِ ... )
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا داود بن علفة الأسدي قال جاورت امرأة من الخضر رهط الحكم الخضري أبيات ابن ميادة فجاءت ذات يوم تطلب رحى وثفالا لتطحن فأعاروها إياهما فقال لها ابن ميادة يا أخت الخضر أتروين شيئا مما قاله الحكم الخضري لنا يريد بذلك أن تسمع أمه فجعلت تأبى فلم يزل حتى أنشدته
( أمَيَّادَ قد أفسدتِ سيفَ ابن ظالم ... بِبَظْرِك حتى عاد أثْلَمَ باليَا )

قال وميادة جالسة تسمع
فضحك الرماح وثارت ميادة إليها بالعمود تضربها به وتقول أي زانية هيا زانية أإياي تعنين وقام ابن ميادة يخلصها فبعد لأي ما أنقذها وقد انتزعت منها الرحى والثفال
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني أبو حرملة منظور بن أبي عدي الفزاري قال حدثني شماطيط وهو الذي يقول
( أنا شَماطيطُ الذي حُدِّثتَ به ... متى أُنبَّهْ للغداء أَنْتَبِهْ )
( حتى يُقالُ شَرِهٌ ولستُ بِه ... )
قال كنت جالسا مع ابن ميادة فوردت عليه أبيات للحكم الخضري يقول فيها
( أأنت ابن أشبانِيّةٍ أَدْلجَتْ به ... إلى اللؤم مِقْلاتٍ لئيمٍ جَنينُها )
أشبانية صقلبية قال وأمه ميادة تسمع فضرب جنبها وقال
( إعْرَنْزِمي مَيَّادَ للقوافِي )
فقالت هذه جنايتك يابن من خبت وشر وأهوت إلى عصا تريد ضربه بها ففر منها وهو يقول
( يا صِدْقَها ولم تكن صَدُوقَا ... )

فصحت به أيهما المعني فقال أضرعهما خدين وألأمهما جدين فضربت جنبها الآخر وقلت فهي إذا ميادة وخرجت أعدو في أثر الرماح وتبعتنا ترمينا بالحجارة وتفتري علينا حتى فتناها
أخبرني يحيى بن علي بن يحيى قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال حدثني أبو داود الفزاري أن ميادة كانت أمة لرجل من كلب زوجة لعبد له يقال له نهبل فاشتراها بنو ثوبان بن سراقة فأقبلوا بها من الشام فلما قدموا وصبحوا بها المليحة وهي ماءة لبني سلمى ورحل بن ظالم بن جذيمة نظر رجل من بني سلمى إليها وهي ناعسة تمايل على بعيرها فقال ما هذه قالوا اشتراها بنو ثوبان فقال وأبيكم إنها لميادة تميد وتميل على بعيرها فغلب عليها ميادة وكان أبرد ضلة من الضلل ورثة من الرثث جلفا لا تخلص إحدى يديه من الاخرى يرعى على إخوته وأهله وكانت إخوته كلهم ظرفاء غيره فأرسلوا ميادة ترعى الأبل معه فوقع عليها فلم يشعروا بها إلا حبلى قد أقعسها بطنها فقالوا لها لمن ما في بطنك قالت لأبرد وسألوه فجعل يسكت ولا يجيبهم حتى رمت بالرماح فرأوا غلاما فدغما نجيبا فأقر به أبرد
وقالت بنو سلمى ويلكم يابني ثوبان ابتطنوه فلعله ينجب فقالوا والله ما له غير ميادة فبنوا لها

بيتا وأقعدوها فيه فجاءت بعد الرماح بثوبان وخليل وبشير بني أبرد وكانت أول نسائه و آخرهن و كانت امرأة صدق ما رميت بشيء ولا سبت إلا بنهبل قال عبد الرحمن بن جهيم الأسدي في هجائه ابن مياده
( لَعمْري لئن شابتْ حَليلةُ نَهْبلٍ ... لبئس شبابُ المرءِ كان شبابُها )
( و لم تدرِ حمراءُ العِجان انْهَبلٌ ... أبوه أمِ المُرِّيّ تَبّ تَبابُها )
قال أبو داود وكان ابن ميادة هجا بني مازن وفزارة بن ذبيان وذلك أنهم ظلموا بني الصارد والصارد من مرة فأخذوا مالهم و غلبوهم عليه حتى الساعة فقال ابن ميادة
( فلأُوردنّ على جماعة مازِنٍ ... خَيْلا مُقلِّصةَ الخُصَى ورجالا )
( ظلّوا بذي أُرُكٍ كأنّ رؤسهم ... شجَرٌ تخطّاه الربيع فحالا ) فقال رجل من بني مازن يرد عليه
( يا بن الخبيثه يا بن طَلّة نَهْبَلٍ ... هلاّ جَمعت كما زَعمت رجالا )
( أببَظْرِ مَيْدَة أم بخُصيَيْ نَهْبلٍ ... أم بالفُساةُ تُنازل الأبطالا )
( و لئن وردتَ على جماعة مازنٍ ... تبغي القتال لَتَلْقَينّ قِتالا ) قال وبنو مرة يسمون الفساه لكثرة امتيارهم التمر وكانت منازلهم بين

فدك وخيبر فلقبوا بذلك لأكلهم التمر وقال يحيى بن علي في خبره ولم يذكره عن أحد وقال ابن ميادة يفتخر بأمه
( أَنا ابن مَيَّادَة تَهْوِي نُجُبِي ... سَلْطُ الجبينِ حَسَنٌ مُرَكَّبي )
( تَرفعني أمي و ينميني أبي ... فوق السحاب ودُوَيْنَ الكوكبِ ) قال يحيى بن علي في خبره عن حماد أبيه عن أبي داود الفزاري إن ابن ميادة قال يفخر بنسب أبيه في العرب ونسب أمه في العجم
( أليس غلامٌ بين كِسرَى وظالم ... بأكرمِ مَن نِيطت عليه التَّمائمُ )
( لَوَ انَّ جميع الناس كانوا بتَلْعةٍ ... وجئتُ بجَدِّي ظالمٍ وابنِ ظالِم )
( لظلّت رقابُ الناس خاضِعةً لنا ... سُجوداً على أقدامنا بالجماجِم ) فأخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا أبو غسان دماذ عن أ بي عبيدة قال كان ابن ميادة واقفا في الموسم ينشد
( لو انّ جميع الناس كانوا بتَلْعةٍ ... )
وذكر تمام البيت والذي بعده
قال والفرزدق واقف عليه في جماعة وهو متلثم فلما سمع هذين البيتين أقبل عليه ثم قال أنت يابن أبرد صاحب هذه الصفة كذبت والله وكذب من سمع ذلك منك فلم يكذبك فأقبل عليه فقال فمه يا أبا فراس فقال أنا والله أولى بهما منك ثم أقبل على راويته فقال اضممهما إليك

( لَوَ انَّ جميع الناس كانوا بتَلْعةٍ ... وجئتُ بجَدِّي دارِمٍ وابنِ دارِمِ )
( لظلّت رقابُ الناس خاضِعةً لنا ... سُجوداً على أقدامنا بالجماجِم )
قال فأطرق ابن ميادة فما أجابه بحرف ومضى الفرزدق فانتحلهما
أخبرنا يحيى قال حدثنا حماد عن أبيه عن أبي داود قال
أم بني ثوبان وهم أبرد أبو ابن ميادة والعوثبان وقريض وناعضة وكان العوثبان وقريض شاعرين أمهم جميعا سلمى بنت كعب بن زهير بن أبي سلمى
ويقال إن الشعر أتى ابن ميادة عن أعمامه من قبل جدهم زهير
قال اسحاق في خبره هذا وحدثني حميد بن الحارث أن عقبة بن كعب بن زهير نزل المليحة على بني سلمى بن ظالم فأكلوا له بعيرا وبلغ ابن ميادة أن عقبة قال في ذلك شعرا فقال ابن ميادة يرد عليه
( ولقد حلفتُ بربِّ مكةَ صادقاً ... لولا قرابةُ نِسْوةٍ بالحاجرِ )
( لكسوتُ عُقْبَةَ كُسْوةً مشهورةً ... تُرِدُ المَنَاهلَ من كلامٍ عائرِ )
وهي قصيدة فقال له عقبة
( ألَوْما أنني أصبحتُ خالاً ... وذكرُ الخال ينقُص أو يزيد )
( لقد قلَّدتُ من سَلْمَى رجالا ... عليهم مَسْحَةٌ وهُمُ العبِيدُ )
فقال ابن ميادة
( إن تَكُ خالنا فقُبِحْتَ خالاً ... فأنت الخال تنقُص لاتزيدُ )
( فيوماً في مُزَينة أنت حُرٌّ ... ويوماً أنت مَحْتِدُك العبيدُ )

( أحقُّ الناسِ أن يَلْقَى هَواَناً ... ويؤكلَ مالُه العبدُ الطَّرِيدُ )
قال إسحاق فحدثني عجرمة قال كان ابن ميادة أحمر سبطا عظيم الخلق طويل اللحية وكان لباسا عطرا ما دنوت من رجل كان أطيب عرفا منه
قال إسحاق وحدثني أبو داود قال سمعت شيخا عالما من غطفان يقول كان الرماح أشعر غطفان في الجاهلية والاسلام وكان خيرا لقومه من النابغة لم يمدح غير قريش وقيس وكان النابغة إنما يهذي باليمن مضللا حتى مات
قال إسحاق وحدثني أبو داود أن بني ذبيان تزعم أن الرماح بن ميادة كان آخر الشعراء
قال إسحاق وحدثني أبو صالح الفزاري أن القاسم بن جندب الفزاري وكان عالما قال لابن ميادة والله لو أصلحت شعرك لذكرت به فإني لأراه كثير السقط فقال له ابن ميادة يابن جندب إنما الشعر كنبل في جفيرك ترمي به الغرض فطالع وواقع وعاصد وقاصد
أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثنا عمر بن شبة قال كان ابن ميادة حديث العهد لم يدرك زمان قتيبة بن مسلم ولا دخل فيمن عناه حين قال
أشعر قيس الملقبون من بني عامر والمنسوبون إلى أمهاتهم من غطفان

ولكنه شاعر مجيد كان في أيام هشام بن عبد الملك وبقي إلى زمن المنصور
أخبرنا يحيى بن علي قال كان ابن ميادة فصيحا يحتج بشعره وقد مدح بني أميه وبني هاشم مدح من بني أمية الوليد بن يزيد وعبد الواحد بن سليمان ومدح من بني هاشم المنصور وجعفر بن سليمان
وأخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال أخبرني طماح ابن أخي الرماح بن ميادة قال
قال لي عمي الرماح ما علمت أني شاعر حتى وأطأت الحطيئة فإنه قال
( عفا مُسْحُلاَنُ من سُلَيْمى فَحامِرُهْ ... تَمَشَّي به ظِلْمَانُه وجآذِرُهْ )
فو الله ما سمعته ولا رويته فواطآته بطبعي فقلت
( فذو العُشّ والممدورُ أصبح قاوياً ... تَمَشَّي به ظِلْمَانُهُ وجآذِرُهْ )

فلما أنشدتها قيل لي قد قال الحطيئة
( تَمَشَّى به ظلمانه وجآذرهْ ... )
فعلمت أني شاعر حينئذ

أخبار ابن ميادة ونسبه

اسمه الرماح بن أبرد بن ثوبان بن سراقة بن حرملة هكذا قال الزبير بن بكار في نسبه وقال ابن الكلبي ثوبان بن سراقة بن سلمى بن ظالم ويقال سراقة بن قيس بن سلمى بن ظالم بن جذيمة بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف ابن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن زيد بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر
وأمه ميادة أم ولد بربرية وروي أنها كانت صقلبية
ويكنى أبا شرحبيل وقيل بل يكنى أبا شراحيل
( وكان ابن ميادة يزعم أن أمه فارسية وذكر ذلك في شعره فقال
( أنا ابْنُ سَلْمى وَجَدِّي ظالمُ ... وأُمِّي حَصَانٌ أخلصتْها الأعاجمُ )
( أليس غلامٌ بين كسرى وظالمٍ ... بأكرمِ مَن نِيطتْ عليه التمائمُ )
أخبرني بذلك الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني أبو مسلمة مرهوب بن سيد وأخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني موسى بن زهير الفزاري قال أخبرني موسى بن سيار بن نجيح المزني قال أنشدني ابن ميادة أبياته التي يقول فيها
( أليس غلامٌ بين كِسرى وظالم ... بأكرم من نِيطَتْ عليه التمائمُ )
فقلت له لقد أشحطت بدا العجوز وأبعدت بها النجعة فهلا غربت يريد

أنها صقلبية ومحلها بناحية المغرب فقال إي بأبي أنت إنه من جاع انتجع فدعها تسر في الناس فإنه من يسمع يخل قال الزبير قال ابن مسلمة ولما قال ابن ميادة هذه الأبيات قال الحكم الخضري يرد عليه
( وما لكَ فيهم من أبٍ ذي دسِيعةٍ ... ولا وَلَدَتْكَ المُحْصَنَاتُ الكرائم )
( وما أنتَ إلاّ عبدُهم إن تُرِبْهُمُ ... مِنَ الدهر يوماً تَسْتَرِبْكَ المقاسِمُ )
( رَمَى نَهْبَلٌ في فَرْجِ أُمِّك رَمْيَةً ... بِحَوْقَاءَ تَسْقِيهَا العُرُوق الثَّواجمُ )
قال أبو مسلمة ونهبل عبد لبني مرة كانت ميادة تزوجته بعد سيدها وكانت صقلبية


ابن ميادة وأم جحدر

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني موسى ابن زهير بن مضرس قال كان الرماح بن أبرد المعروف بابن ميادة ينسب بأم جحدر بنت حسان المرية إحدى نساء بني جذيمة فحلف أبوها ليخرجنها إلى رجل من غير عشيرته ولا يزوجها بنجد فقدم عليه رجل من الشأم فزوجه إياها فلقي عليها ابن ميادة شدة فرأيته وما لقي عليها فأتاها نساؤها ينظرن إليها عند خروج الشامي بها قال فوالله ماذكرن منها جمالا بارعا ولا حسنا مشهورا ولكنها كانت أكسب الناس لعجب فلما خرج بها زوجها إلى بلاده اندفع ابن ميادة يقول
( ألاَ ليتَ شِعْرِي هل إلى أمّ جَحْدَرٍ ... سبيلٌ فأما الصبرُ عنها فلا صَبْرَا )
( إذا نزلتْ بُصْرَى تراخَىمَزارُها ... وأغلقَ بَوَّابَانِ مِن دُونها قَصْرَا )
( فهل تأتينِّي الريحُ تَدْرُجُ مَوْهِناً ... بريّاكِ تَعْرَوْرِي بها جَرَعاً عُفْرَا ) قال الزبير وزادني عمي مصعب فيها

( فلو كان نَذْرٌ مُدْيِناً أمَّ جَحْدَرٍ ... إليّ لقد أَوْجَبتُ في عُنُقِي نَذْرَا )
( ألا لا تَلُطِّي السِّتْرَ يا أمّ جَحْدَرٍ ... كَفَى بذُرَا الأعلام مِنْ دُوننا سِتْرا )
( لَعمرِي لئن أَمْسَيتِ يا أمّ جَحْدَرٍ ... نأيتِ لقد أبليتُ في طلبٍ عُذرا )
( فَبَهْراً لقومي إذ يبيعون مُهْجتي ... بغانيةٍ بَهْراً لهم بعدَها بَهْرَا )
قال الزبير بهرا هاهنا يدعو عليهم أن ينزل بهم من الأمور ما يبهرهم كما تقول جدعا وعقرا
وفي أول هذه القصيدة على ما رواه يحيى بن علي عن حماد بن إسحاق عن أبيه عن حميد بن الحارث يقول
( ألا لا تَعُدْ لِي لَوْعَةٌ مثلُ لَوْعَتِي ... عليكِ بأَدْمَى والهوى يَرْجِعُ الذِّكْرَا )
( عَشِيَّةَ أَلْوِي بالرِّدَاء على الحَشَا ... كأنّ رِدَائي مُشْعَلٌ دونَه جَمْرَا )
قال حميد بن الحارث وأم جحدر امراة من بني رحل بن ظالم بن جذيمة ابن يربوع بن غيظ بن مرة
أخبرني يحيى بن علي قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه وأخبرني الحرمي ابن أبي العلاء عن الزبير عن موهوب بن رشيد عن جبر بن رباط النعامي أن أم جحدر كانت امرأة من بني مرة ثم من بني رحل وأن أباها بلغه مصير ابن ميادة إليها فحلف ليزوجنها رجلا من غير ذلك البلد فزوجها رجلا من أهل الشأم فاهتداها وخرج بها إلى الشأم فتبعها ابن ميادة حتى أدركه أهل بيته فردوه مصمتا لا يتكلم من الوجد بها فقال قصيدة أولها
( خَلِيليّ من أَبْناء عُذْرَة بَلِّغَا ... رسائلَ منّا لا تَزِيدكما وِقْرَا )
( أَلِمّا على تَيْماءَ نَسْأَلْ يَهُودَها ... فإنّ لدى تيماءَ من رَكْبها خُبْرَا )
( وبالغَمْر قد جازتْ وجازَ مطِيُّها ... عليه فسَلْ عن ذاك نَيَّانَ فالغَمْرَا )
( ويا ليتَ شِعْرِي هل يَحُلّنّ أَهلُها ... وأهلُكَ رَوْضاتٍ ببَطن اللِّوَى خُضْرَا )
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثني أبو سعيد يعني عبد الله بن شبيب قال حدثني أبو العالية الحسن بن مالك وأخبرني به الأخفش عن ثعلب عن عبد الله بن شبيب عن أبي العالية الحسن بن مالك الرياحي العذري قال حدثني عمر ابن وهب العبسي قال حدثني زياد بن عثمان الغطفاني من بني عبد الله بن غطفان قال كنا بباب بعض ولاة المدينة فغرضنا من طول الثواء فإذا أعرابي يقول يا معشر العرب أما منكم رجل يأتيني أعلله إذ غرضنا من هذا المكان فأخبره عن أم جحدر وعني فجئت إليه فقلت من أنت فقال أنا الرماح بن أبرد قلت فأخبرني ببدء أمركما قال كانت أم جحدر من عشيرتبي فأعجبتني وكانت بيني وبينها خلة هم إني عتبت عليها في شيء بلغني عنها فأتيتها فقلت يا أم جحدر إن الوصل عليك مردود فقالت ما قضى الله فهو خير
فلبثت على تلك

( خَلِيليّ من أَبْناء عُذْرَة بَلِّغَا ... رسائلَ منّا لا تَزِيدكما وِقْرَا )
( أَلِمّا على تَيْماءَ نَسْأَلْ يَهُودَها ... فإنّ لدى تيماءَ من رَكْبها خُبْرَا )
( وبالغَمْر قد جازتْ وجازَ مطِيُّها ... عليه فسَلْ عن ذاك نَيَّانَ فالغَمْرَا )
( ويا ليتَ شِعْرِي هل يَحُلّنّ أَهلُها ... وأهلُكَ رَوْضاتٍ ببَطن اللِّوَى خُضْرَا )
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثني أبو سعيد يعني عبد الله بن شبيب قال حدثني أبو العالية الحسن بن مالك وأخبرني به الأخفش عن ثعلب عن عبد الله بن شبيب عن أبي العالية الحسن بن مالك الرياحي العذري قال حدثني عمر ابن وهب العبسي قال حدثني زياد بن عثمان الغطفاني من بني عبد الله بن غطفان قال كنا بباب بعض ولاة المدينة فغرضنا من طول الثواء فإذا أعرابي يقول يا معشر العرب أما منكم رجل يأتيني أعلله إذ غرضنا من هذا المكان فأخبره عن أم جحدر وعني فجئت إليه فقلت من أنت فقال أنا الرماح بن أبرد قلت فأخبرني ببدء أمركما قال كانت أم جحدر من عشيرتي فأعجبتني وكانت بيني وبينها خلة ثم إني عتبت عليها في شيء بلغني عنها فأتيتها فقلت يا أم جحدر إن الوصل عليك مردود فقالت ما قضى الله فهو خير
فلبثت على تلك

الحال سنة وذهبت بهم نجعة فتباعدوا واشتقت إليها شوقا شديدا فقلت لامرأة أخ لي والله لئن دنت دارنا من أم جحدر لآتينها ولأطلبن إليها أن ترد الوصل بيني وبينها ولئن ردته لا نقضته أبدا ولم يكن يومان حتى رجعوا فلما أصبحت غدوت عليهم فإذا أنا ببيتين نازلين إلى سند أبرق طويل وإذا امرأتان جالستان في كساء واحد بين البيتين فجئت فسلمت فردت إحداهما ولم ترد الأخرى فقالت ما جاء بك يا رماح إلينا ما كنا حسبنا إلا أنه قد انقطع ما بيننا وبينك فقلت إني جعلت علي نذرا لئن دنت بأم جحدر دار لآتينها ولأطلبن منها أن ترد الوصل بيني وبينها ولئن هي فعلت لا نقضته أبدا وإذا التي تكلمني امرأة أخيها وإذا الساكتة أم جحدر فقالت امرأة أخيها فادخل مقدم البيت فدخلت وجاءت فدخلت من مؤخره فدنت قليلا ثم إذا هي قد برزت فساعة برزت جاء غراب فنعب على رأس الأبرق فنظرت إليه وشهقت وتغير وجهها فقلت ما شأنك قالت لا شيء قلت بالله إلا أخبرتني قالت أرى هذا الغراب يخبرني أنا لا نجتمع بعد هذا اليوم إلا ببلد غير هذا البلد فتقبضت نفسي ثم قلت جارية والله ما هي في بيت عيافة ولا قيافة فأقمت عندها

ثم تروحت إلى أهلي فمكثت عندهم يومين ثم أصبحت غاديا إليها فقالت لي امرأة أخيها ويحك يا رماح أين تذهب فقلت إليكم فقالت وما تريد قد والله زوجت أم جحدر البارحة فقلت بمن ويحك قالت برجل من أهل الشأم من أهل بيتها جاءهم من الشأم فخطبها فزوجها وقد حملت إليه فمضيت إليهم فإذا هو قد ضرب سرادقات فجلست إليه فأنشدته وحدثته وعدت إليه أياما ثم إنه احتملها فذهب بها فقلت
( أجارتَنَا إنَّ الخطوبَ تَنُوبُ ... علينا وبعضَ الآمنين تُصِيبُ )
( أجارَتَنا لَسْتُ الغَدَاةَ ببارحٍ ... ولكنْ مُقِيمٌ ما أقامَ عَسِيبُ )
( فإن تسألِينِي هل صَبَرْتَ فإنني ... صَبُورٌ على رَيْب الزمانِ صَلِيبُ )
قال علي بن الحسين هذه الأبيات الثلاثة أغار عليها ابن ميادة فأخذها بأعيانها أما البيتان الأولان فهما لامرىء القيس قالهما لما احتضر بأنقرة في بيت واحد هو
( أجارتَنَا إنَّ الخطوبَ تَنُوبُ ... وإنّي مُقِيمٌ ما أقام عَسِيبُ ) والبيت الثالث لشاعر من شعراء الجاهلية وتمثل به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في رسالة كتب بها إلى أخيه عقيل بن أبي طالب فنقله ابن ميادة نقلا
ونرجع إلى باقي شعر ابن ميادة
( جَرَى بانْبِتَاتِ الحَبْلِ من أمّ جَحْدَرٍ ... ظباءٌ وطيٌر بالفِرَاق نَعُوبُ )

( نظرتُ فلم أَعْتَفْ وعافتْ فبيَّنَتْ ... لها الطيرُ قبلي واللبيبُ لبيبُ )
( فقالت حرامٌ أن نُرَى بعد هذه ... جميعَيْنِ إلا أن يُلِمَّ غريبُ )
( أجارتَنا صبراً فيا رُبَّ هالكٍ ... تَقَطَّعُ من وَجْدٍ عليه قلوبُ )
قال ثم انحدرت في طلبها وطمعتَ في كلمتها إلا أن نجتمع في بلد غير هذا البلد قال فجئت فدرت الشأم زمانا فتلقاني زوجها فقال م لك لا تغسل ثيابك هذه أرسل بها إلى الدار تغسل فأرسلت بها ثم إني وقفت أنتظر خروج الجارية بالثياب فقالت أم جحدر لجاريتها إذا جاء فأعلميني فلما جئت إذا أم جحدر وراء الباب فقالت ويحك يا رماح قد كنت أحسب أن لك عقلا أما ترى أمرا قد حيل دونه وطابت أنفسنا عنه انصرف إلى عشيرتك فإني أستحيي لك من هذا المقام فانصرفت وأنا أقول

صوت

( عسى إن حَجَجْنا أن نرى أمَّ جَحْدَرٍ ... ويجمَعَنا من نَخْلَتيْن طَرِيقُ )
( وتَصْطَكَّ أعضادُ المَطِيِّ وبينَنا ... حديثٌ مُسَرٌّ دونَ كلّ رَفِيقِ )

شعر ابن ميادة في أم جحدر

في هذين البيتين لحن من الثقيل الثاني ذكر الهشامي أنه للحجبي
وقال حين خرج إلى الشأم هذه رواية ابن شبيب

( ألا حيِّيا رَسْمَاً بذي العُشِّ مُقْفِرا ... وربعاً بذي المَمْدورِ مستعجِماً قَفْرَاً )
( فأعجبُ دارٍ دارُها غيرَ أنني ... إذا مما ما أتيتُ الدار تَرْجِعُني صِفْرا )
( عشيةَ أَثْنِي بالرِّداء على الحَشَى ... كأنّ الحَشَى من دُونِه أُسْعِرَتْ جَمْرَا )
( يَمِيلُ بنا شَحْطُ النَّوَى ثم نلتقِي ... عِدَادَ الثُّرَيَّا صادفتْ ليلَةً بَدْرَا )
( وبالغَمْرِ قد جازتْ وجاز مطيُّها ... فأسْقَى الغَوَادِي بَطْنَ نَيَّانَ فالغَمْرَا )
( خَلِيليّ من غَيْظِ بن مُرَّةَ بلِّغا ... رسائلَ منِّي لا تَزِيدكُما وِقْرَا )
( ألا ليت شعري هل إلى أمِّ جَحْدَرٍ ... سَبِيلٌ فأما الصبُر عنها فلا صَبْرَا )
( فإن يَكُ نَذْرٌ راجعاً أمَّ جَحْدَرٍ ... علي لقد أَوْذَمتُ في عُنُقي نَذْرَا )
( وإني لاستنشي الحديثَ من اجْلِها ... لأسمعَ منها وهي نازِحةٌ ذِكْرَا )
( وأني لأستحيي من الله أن أُرَى ... إذا غدَر الخُلاَّنُ أنوِي لها غَدْرَا )
أخبرني محمد بن مزيد قال حدثنا حماد عن أبيه قال أنشدني أبو داود لابن ميادة وهو يضحك منذ أنشدني إلى أن سكت
( ألم تَرَ أنْ الصارِدِيَّةَ جاورتْ ... لياليَ بالمَمْدور غيرَ كَثِيرِ )

( ثلاثاً فلمّا أن أصابتْ فؤادَه ... بسَهْمَيْن من كَحْلٍ دعتْ بهَجِيرِ )
( بأَصهَبَ يَرْمِي للزِّمام برأسِه ... كأنّ على ذِفْراه نَضْخَ عَبِيرِ )
( جلتْ إذ جلت عن أهل نجدٍ حَميدةً ... جَلاَء غنيٍّ لا جلاءَ فقيرِ )
( وقالت وما زادتْ على أن تبسّمتْ ... عَذِيرَكَ من ذي شَيْبةٍ وعَذِيري )
( عَدِمتُ الهوى ما يَبْرَح الدهرَ مُقْصِداً ... لقلبي بسَهْمٍ في اليدين طَرِيرِ )
( وقد كان قلبي مات للوَجْد مَوْتةً ... فقد هَمَّ قلبي بعدَها بِنَشَورِ ) قال فقلت ما أضحكك فقال كذب ابن ميادة والله ما جلت إلا على حمار وهو يذكر بعيرا ويصفه وأنها جلت جلاء غني لا جلاء فقير فأنطقه الشيطان بهذا كله كما سمعت
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني موسى بن زهير قال مكثت أم جحدر عند زوجها زمانا ثم مات زوجها عنها ومات ولدها منه فقدمت نجدا على إخوتها وقد مات أبوها

أخبرني سيار بن نجيح المزني قال لقيت ابن ميادة وهو يبكي فقلت له ويحك مالك قال أخرجتني أم جحدر وآلت يمينا ألا تكلمني فانطلق فاشفع لي عندها فخرجت حتى غشيت رواق بيتها فوجدتها وهي تدمك جريرا لها بين الصلاية والمدق تريد أن تخطم به بعيرا تحج عليه فقالت إن كنت جئت شفيعا لابن ميادة فبيتي حرام عليك أن تلقي فيه قدمك قال فحجت ولا والله ما كلمته ولا رآها ولا رأته
قال موسى قال سيار فقلت له اذكر لي يوما رأيته منها فقال لي أما والله لأخبرنك يا سيار بذلك بعثت إليها عجوزا منهم فقلت هل ترين من رجال فقالت لا والله ما رأيت من رجل فألقيت رحلي على ناقتي ثم أرسلتها حتى أنختها بين أطناب بيتهم ثم جعلت أقيد الناقة فما كان إلا ذاك حتى دخلت وقد ألقت لي فراشا مرقوما مطموما وطرحت لي وسادتين على عجز الفراش وأخريين على مقدمه قال ثم تحدثنا ساعة وكأنما تلعقني بحديثها الرب من حلاوته ثم إذا هي تصب في عس مخضوب بالحناء والزعفران من ألبان اللقاح فأخذت منها ذلك العس وكأنه قناة فراوحته بين يدي ما ألقمته فمي ولا دريت أنه معي حتى قالت لي عجوز ألا تصلي يابن مياد لا صلى الله عليك فقد أظلك صدر النهار ولا أحسب إلا أنني في أول البكرة قال فكان ذلك اليوم آخر يوم كلمتها فيه حتى زوجها أبوها وهو أظرف ما كان بيني وبينها
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني حكم بن

طلحة الفزاري ثم المنظوري قال
قال ابن ميادة أني لأعلم أقصر يوم مر بي من الدهر قيل له وأي يوم هو يا أبا الشرحبيل قال يوم جئت فيه أم جحدر باكرا فجلست بفناء بيتها فدعت لي بعس من لبن فأتيت به وهي تحدثني فوضعته علي يدي وكرهت أن أقطع حديثها أن شربت فما زال القدح على راحتي وأنا أنظر إليها حتى فاتتني صلاة الظهر وما شربت
قال الزبير وحدثني أبو مسلمة موهوب بن رشيد بمثل هذا وزاد في خبره وقال ابن ميادة فيها أيضا
( ألم تَرَ أنْ الصارِدِيَّةَ جاورتْ ... لياليَ بالمَمْدور غيرَ كَثِيرِ )
( ثلاثاً فلمّا أن أصابتْ فؤادَه ... بسَهْمَيْن من كَحْلٍ دعتْ بهَجِيرِ )
( بأَحْمرَ ذَيَّالِ العَسِيبِ مُفَرَّجٍ ... كأنّ على ذِفْراه نَضْخَ عَبِيرِ )
( حلفْتُ بِربِّ الراقصاتِ إلى مِنىً ... زَفِيفَ القَطَا يقطعْن بَطْنَ هَبِيرِ )
( لقد كاد حبُّ الصارِدِيَّةِ بعدما ... علا في سَوَاد الرأسِ نَبْذُ قَتِير )
( يكون سَفَاهاً أو يكونُ ضمانة ... على ما مضى من نعمةٍ وعَصَورِ )

( عدِمتُ الهوى لا يَبْرَحُ الدهرَ مُقْصِداً ... لقلبي بسهمٍ في الفؤاد طَرِيرِ )
( وقد كان قلبي مات للحبِّ موتةً ... فقد هَمَّ قلبي بعدها بنُشَورِ )
( جَلَتْ إذ جلت عن أهلِ َنْجد حميدةً ... جلاءَ غنيِّ لا جلاء فقيرِ ) ومما يغنى فيه من أشعار ابن ميادة في النسيب بأم جحدر قوله

صوت

( ألاَ يا لَقَوْمِي للهوى والتذكُّرِ ... وعينٍ قَذَى أنسانِها أمُّ َجْحَدِر )
( فلم تَرَ عينِي مثلَ قلبيَ لم يَطِرْ ... ولا كضلوعٍ فَوقَه لم تُكَسَرِ ) الغناء لإسحاق ثقيل أول بالوسطى
أخبرنا الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا حكيم ابن طلحة الفزاري عن رجل من كلب قال
جنيت جناية فغرمت فيها فنهضت إلى أخوالي بني مرة فاستعنتهم فأعانوني فأتيت سيار بن نجيح أحد بني سلمى بن ظالم فأعانني ثم قال انهض بنا إلى الرماح بن أبرد يعني ابن ميادة حتى يعينك فدفعنا إلى بيتين له فسألنا عنه فقيل ذهب أمس فقال سيار ذهب إلى أمة لبني سهيل فخرجنا في طلبه فوقعنا عليه في قرارة بيضاء بين حرتين وفي القرارة غنم من الضأن سود وبيض وإذا حمار مقيد مع الغنم وإذا به معها فجلسنا فإذا شابة حلوة صفراء في دراعة مورسة فسلمنا وجلسنا فقال أنشديهم مما قلت فيك شيئا فأنشدتنا

( يُمَنُّونَنِي منكِ اللقاءَ وإنني ... لأَعلمَ لا ألقاكِ من دونِ قَابِل ) ِ
( إلى ذاك ما حارتْ أمورُك وانجلتْ ... غَيَايةُ حُبِّيكِ انجلاء المَخَايل )
( إذا حَلَّ أهلِي بالجِنابِ وأهلُها ... بحيثُ التقَى الغُلاَّنِ من ذي أرائلِ )
( أقلْ خُلَّهٌ بانَتْ وأَدْبَر وصلُها ... تقطَّع منها باقياتُ الحَبَائِل )
( وحالتْ شهورُ الصيفِ بيني وبينها ... ورفعُ الأعادِي كلَّ حقٍّ وباطلِ )
( أقول لعَذَّالَيَّ لما تَقَابَلا ... عليّ بلَوْمٍ مثلِ طعنِ المَعَابِلِ )
( لا تُكْثِرا عنها السؤالَ فإنها ... مُصَلْصَلَةٍ من بعض تلك الصَّلاَصلِ )
( من الصُّفْرِ لا وَرْهاءُ سَمْجٌ دَلاَلُها ... وليستْ من الشُّودِ القِصَارِ الحَوائِلِ )
( ولكنها ريحانةٌ طال نَشْرُها ... وردتُ عليها بالضُّحَى والأَصَائِلِ ) ثم قال لها قومي فاطرحي عنك دراعتك فقالت لا حتى يقول لي سيار بن نجيح ذلك فأبى سيار فقال له ابن ميادة لئن لم تفعل لا قضيت حاجتكما فقال لها فقامت فطرحتها فما رأيت أحلى منها فقال له سيار فمالك يا أبا

الشرحبيل لا تشتريها فقال إذا يفسد حبها

ابن ميادة و ابن الجعد الخضري

أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثتني مغيرة بنت أبي عدي بن عبد الجبار بن منظور بن زبان بن سيار الفزارية قالت أخبرني أبي قال
جمعني وابن ميادة و صخر بن الجعد الخضري مجلس فأنشدنا ابن ميادة قوله
( يُمَنُّونَنِي منكِ اللقاءَ وإنني ... لأَعلمَ لا ألقاكِ من دونِ قَابِل ) ِ فأقبل عليه صخر فقال له المحب المكب يرجو الفائت و يغم الطير و أراك حسن العزاء يا أبا الشرحبيل فأعرض عنه ابن ميادة قال أبو عدي فقلت
( صادَف دَرْءُ السَّيْلِ سيلاً يَرْدَعُهْ ... بهَضْبةٍ ترُدُّه و تَدْفَعُهْ ) و يروي درء السيل سيل فقال لي يا أبا عدي والله لا أتلطخ بالخضر مرتين و قد قال أخو عذرة
( هو العبدُ أَقصَى همِّه أن تسُبَّه ... وكان سِبَابُ الحرِّ أقصَى مدى العَبْدِ ) قال الزبير قوله يغم الطير يقول إذا رأى طيرا لم يزجرها مخافة أن يقع ما يكره
قال فلم يحر إليه صخر بن الجعد جوابا
يعني بقوله لا أتلطخ بالخضر مرتين مهاجاته الحكم الخضري وكانا تهاجيا زمانا ثم كف ابن ميادة وسأله الصلح فصالحه الحكم

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني أبو مسلمة موهوب بن رشيد عن عبد الرحمن بن الأحول التغلبي ثم الخولاني قال كان أول ما بدأ الهجاء بين ابن ميادة وحكم بن معمر الخضري أن ابن ميادة مر بالحكم بن معمر وهو ينشد في مصلى النبي في جماعة من الناس قوله
( لمن الديارُ كأنهّا لم تُعْمَرِ ... بين الكِنَاسِ وبين بُرْقِ مُحَجِّرِ ) حتى انتهى إلى قوله
( يا صاحبَيَّ ألم تَشِيمَا بارِقاً ... نُضِحَ الصُّرَادُ به فهَضْبُ المَنْحَرِ )
( قد بتُّ أَرْقُبُه وبات مصعِّداً ... نَهْضَ المقيَّد في الدَّهَاسِ المُوقَرِ ) فقال له ابن ميادة ارفع إلي رأسك أيها المنشد فرفع حكم إليه رأسه فقال له من أنت قال أنا حكم بن معمر الخضري قال فوالله ما أنت في بيت حسب ولا في أرومة شعر فقال له حكم و ماذا عبت من شعري عبت أنك أدهست وأوقرت قال له حكم ومن أنت أنا ابن ميادة قال ويحك ! فلم رغبت عن أبيك و انتسبت إلى أمك قبح الله والدين خيرهما ميادة أما و الله

لو وجدت في أبيك خيرا ما انتسبت إلى أمك راعية الضأن
وأما إدهاسي وإيقاري فإني لم آت خيبر إلا ممتارا لا متحاملا وما عدوت أن حكيت حالك وحال قومك فلو كنت سكت عن هذا لكان خيرا لك وأبقى عليك
فلم يفترقا إلا عن هجاء
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثنا عبد الله بن إبراهيم الجمحي قال حدثني عمر بن ضمرة الخضري قال
أول ما هاج الهجاء بين ابن ميادة وبين حكم بن معمر بن قنبر بن جحاش بن سلمة بن ثعلبة بن مالك بن طريف بن محارب قال والخضر ولد مالك بن طريف سموا بذلك لأن مالكا كان شديد الأدمة وكذلك خرج ولده فسموا والخضر أن حكما نزل بسمير بن سلمة بن عوسجة بن أنس بن يزيد بن معاوية بن ساعدة بن عمرو وهو خصيلة بن مرة
فأقبل ابن ميادة إلى حكم ليعرض عليه شعره وليسمع من شعره وكان حكم أسنهما فأنشدا جميعا جماعة القوم ثم قال ابن ميادة والله لقد أعجبني بيتان قلتهما يا حكم قال أو ما أعجبك من شعري إلا بيتان فقال والله لقد أعجباني يردد ذلك مرارا لا يزيده عليه فقال له حكم فأي بيتين هما قال حين تساهم بين ثوبيها وتقول
( فوالله ما أدرِي أَزِيدتْ مَلاحَةَ ... وحُسناً على النِّسوَان أم ليس لي عقْلُ )
( تساهَم ثوباها ففي الدِّرعِ غادَةٌ ... وفي المِرْط لفَّاوانِ رِدْفهُما عَبْلُ )

فقال له حكم أو ما أعجبك غير هذين البيتين فقال له ابن ميادة قد أعجباني فقال أو ما في شعري ما أعجبك غيرهما فقال لقد أعجباني فقال له حكم فإني سوف أعيب عليك قولك
( ولا برِح المَمْدور رَيّان مُخْصِباً ... وجِيدَ أَعالي شِعْبه وأسافلُهْ )
فاستسقيت لأعلاه وأسفله وتركت وسطه وهو خير موضع فيه فقال وأي شئ تريد تركته لا يزال ريان مخصبا
وتهاترا فغضب حكم فارتحل ناقته وهدر ثم قال
( فإِنّه يومُ قَرِيضٍ ورَجَزْ ... )
فقال رجل من بني مرة لابن ميادة اهدركما هدر يا رماح فقال إنما يغط البكر ثم قال الرماح
( فإِنّه يومُ قَرِيضٍ ورَجَزْ ... مَن كان منكم ناكِزاً فقد نَكْز )
( وبيَّن الطِّرْفُ النَّجِيب فَبَرَزْ ... )
قال يريد بقوله ناكزا غائضا قد نزف
ل الزبير وسمعت رجلا من أهل البادية ينزع على إبل له كثيرة من قليب ويرتجز
( قد نَكَزَتْ أنْ لم تكنْ خَسِيفَا ... أو يكنِ البحرُ لها حَلِيفَا )

أم جحدر تفضل ابن ميادة على الحكم وعملس

قال الزبير قال الجمحي قال عمير بن ضمرة فهذه أول ما هاج التهاجي

بينهما
قال الزبير قال الجمحي وحدثني عبد الرحمن بن ضبعان المحاربي قال كان ابن ميادة وحكم الخضري وعملس بن عقيل بن علفة متجاورين متحالين وكانوا جميعا يتحدثون إلى أم جحدر بنت حسان المرية وكانت أمها مولاة ففضلت ابن ميادة على الحكم وعملس فغضبا
وكان ابن ميادة قال في أم جحدر
( ألاَ ليت شِعْرِي هل إلى أمّ جَحْدَر ... سَّبيلٌ فإمّا الصَّبْرُ عنها فلا صَبرا )
( وياليت شِعْري هل يَحُلَّنّ أهلُها ... وأهلُكَ رَوْضاتٍ ببطن اللِّوَى خُضْرا ) وقال فيها أيضا
( إذا ركَدتْ شمسُ النهار ووضَّعَتْ ... طَنافِسَها ولَّينها الأعْيُنَ الخُزْرَا ) الأبيات فقال عملس بن عقيل وحكم الخضري يهجوانها وهي تنسب إلى حكم
( لاَ عُوفِيتْ في قبرها أمّ جَحْدَرٍ ... ولا لَقِيَتْ إلاّ الكَلالِيب والجَمْرَا )
( كما حادثتْ عبداً لئيماً وخِلْتُه ... مِن الزاد إلاّ حَشْوَ رَيْطاتهُ صِفْرا )
( فياليتَ شِعرِي هل رأت أمٌّ جَحْدَرٍ ... أكُشَّكَ أو ذاقت مَغابِنَك القُشْرَا )
( وهل أبصرتْ أَرْساغَ أَبْرَدَ أورأت ... قفا أمّ رَمَّاح إذا ما استقت دَفْرا )

( وبالغَمْر قد صَرّت لِقاحاً وحادثتْ ... عبيداً فَسلْ عن ذاك نَيّان بالغَمْرا ) وقال عملس بن عقيل بن علفة ويقال بل قالها علفة بن عقيل
( فلا تَضعا عنها الطنافَس إنّما ... يُقَصِّر بالمِرْماة مَن لم يكن صَقْرَا )
وزاد يحيى بن علي مع هذا البيت عن حماد عن أبيه عن جرير بن رباط وأبي داود قال يعرض بقوله من لم يكن صقرا بابن ميادة أي إنه هجين ليس من أبوين متشابهين كما الصقر
وبعده بيت آخر من رواية يحيى ولم يروه الزبير معه
( مُنَعَّمةُ لم تَلَقَ بؤساً وشِقْوةً ... بنجدٍ ولم يَكْشِف هجَينٌ لها سِتْرَا ) قالوا جميعا فقال ابن ميادة يهجو علفة
( أعُلَّفَ إنّ الصقر ليس بمُدْلِجٍ ... ولكنّه بالليل مُتَّخِذٌ وَكْرَا )
( ومُفْتَرِشٌ بين الجَنَاحين سَلْحَهْ ... إذا الليل ألقَى فوق خُرطومهِ كسْرَا )
( فإِنْ يكُ صقراً بعد ليلة أمّه ... وليلة جَحّافٍ فأُفٍّ له صقرا )
( تَشُدّ بكفَّيْها على جِذْل أَيْرِه ... إذا هي خافت من مَطيِتَّها نَفْرا ) يريد أن أم علفة من بني أنمار وكان أبوه عقيل بن علفة ضربها فأرسلت إلى رجل من بني أنمار يقال له جحاف فأتاها ليلا فاحتملها على جمل فذهب بها
وقال يحيى بن علي خاصة في خبره عن حماد عن أبيه عن أبي داود إن جحاف بن إياد كان رجلا من بني قتال بن يربوع بن غيظ بن مرة وكان يتحدث إلى امرأة عقيل ابن علفة وهي أم ابنه علفة بن عقيل ويتهم بها وهي امرأة من بني أنمار بن بغيض بن ريث بن غطفان يقال لها سلافة وكانت أحسن الناس وجها وكان

عقيل من أغير الناس فربطها بين أربعة أوتاد ودهنها بإهالة وجعلها في قرية نمل فمر بها جحاف بن إياد ليلا فسمع أنينها فأتاها فاحتملها حتى طرحها بفدك فاستعدت واليها على عقيل وقام عقيل من جوف الليل فأوقد عشوة ونظرها فلم يجدها ووجد أثرجحاف فعرفه وتبعه حتى صبح القرية وخنس جحاف عنها فأتى الوالي فقال إن هذه رأتني قد كبرت سني وذهب بصري فاجترأت علي وكان عقيل رجلا مهيبا فلم يعاقبه الوالي بما صنعه لموضعه من صهر بني مروان قال فعير ابن ميادة علفة بن عقيل بأمر جحاف هذا في قوله
( فإِنْ يكُ صقراً بعد ليلة أمّه ... وليلة جَحّافٍ فأُفٍّ له صقرا ) قال ولج الهجاء بينهما وقال فيه ابن ميادة وفي حكم الخضري وقد عاون علفة
( لقد رِكب الخُضْرِيُّ مِنّي وترْبُه ... على مَرْكَب من نابِيات المَراكِبِ ) وقال لعلفة
( يابنَ عَقِيل لا تكن كَذُوبَا ... أأن شَرِبتَ الحَزْرَ والحَلِيبا )
( من شَوْل زيد وشَمَمْتَ الطِّيبَا ... جَهْلاً تَجنّيتَ لِيَ الذنوبا ) قال ثم لم يلبثه ابن ميادة أن غلبه وهاج التهاجي بينه وبين حكم الخضري وانقطع عنه علفة مفضوحا قال وماتت أم جحدر التي كان ينسب بها ابن ميادة

على تفيئة ما كان بينه وبين علفة من المهاجاة ونعيت له فلم يصدق حتى أتاه رجل من بني رحل يقال له عمار فنعاها له فقال
( ما كنتُ أحسَب أن القوم قد صدقوا ... حتّى نعاها لِيّ الرَّحْليُّ عَمّارُ ) وقال يرثيها
( خَلتْ شُعَبُ المَمْدُور لستَ بواجدٍ ... به غيرَ بالٍ من عِضاهٍ وحَرْمَلِ )
( تمنّيتَ أنْ تَلْقَى به أمَّ جَحْدَرٍ ... وماذا تَمَنَّى من صَدىً تحتَ جَنْدَلِ )
( فَللْموتُ خيٌر من حياةٍ ذَميمةٍ ... ولَلْبُخلُ خيرٌ من عَناء مُطوّل )
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني عبد الله بن إبراهيم عن ساعدة ابن مرمىء وذكره إسحاق أيضا عن أصحابه
أن ابن ميادة وحكما الخضري تواعدا المدينة ليتواقفا بها فتواقفا بها وجاء نفر من قريش أمهاتهم من مرة إلى ابن ميادة فمنعوه من مواقفة حكم وقالوا أتتعرض له ولست بكفئه فيشتم أمهاتنا وأخوالنا وخالاتنا وهو رجل خبيث اللسان قال وكان حكم يسجع سجعا كثيرا فقال والله لئن واقفته لأسجعن به قبل المقارضة سجعا أفضحه به فلم يلقه
وذكر الزبير له سجعا طويلا غثا لا فائدة فيه لأنه ليس برجز منظوم ولا كلام فصيح ولا مسجع سجعا مؤتلفا كائتلاف القوافي إلا أن من أسلمه قوله والله لئن ساجعتني سجاعا لتجدني شجاعا للجار مناعا ولأجدنك هياعا للحسب مضياعا ولئن باطشتك بطاشا لأدهشنك إدهاشا ولأذقن منك مشاشا حتى يجيء بولك رشاشا وهذا من غث السجع ورذله وإنما ذكرته ليستدل به على ما هو دونه مما ألغيت ذكره قال

ورجز به فقال
( يا معدِنَ اللؤم وأنت جَبَلُه ... وآخرَ اللؤم وأنت أوّلُهْ )
( جاريتَ سَبَّاقاً بعيداً مَهَلُه ... كان إذا جارَى أباك يُفْشِلُهْ )
( فكيف ترجوه وكيف تأمُلُهْ ... وأنت شرُّ رجلٍ وأَنْذَلُهْ )
( ألأ مُه في مأزِقٍ وأجهلُهْ ... أدخله بيتَ المخازي مُدْخِلُهْ )
( فاللؤم سِرْبالٌ له يُسَرْبَلُهْ ... ثوباً إذا أَنْهَجه يُبَدَّلُهْ ) فأجابه حكم
( يا بنَ التي جيرانَها كانت تَضُرّ ... وتَتْبَعُ الشَّوْلَ وكانت تَمْتَصِرْ )
( كيف إذا مارسْتَ حُرّاً تنتصِرْ ... ) ولهما أراجيز كثيرة طويلة جدا أسقطتها لكثرتها وقلة فائدتها
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير عن عبد الله بن إبراهيم قال
أخبرني بعض من لقيت من الخضر أن حكما الخضري خرج يريد لقاء ابن ميادة بالرقم من غير موعد فلم يلقه إما لأنه تغيب عنه وإما لأنه لم يصادفه فقال حكم
( فَرّ ابنُ مَيَّادةَ الرَّقْطاءِ من حَكَم ... بالصُّغْرِ مثلَ فِرار الأَعْقد الدَّهِم )

( أصبحتَ في أْقُرٍ تَعْلُو أطاوِلَه ... تَفِرُّ منيّ وقد أصبحتُ بالرَّقَمِ )
وقال إسحاق في روايته عن أصحابه قال ابن ميادة يهجو حكما وينسب بأم جحدر
( يُمَنُّونَنِي منكِ اللقاءَ وإنني ... لأعلمُ لا ألقاكِ من دون قابِل )
وقد مضى أكثر هذه الأبيات متقدما فذكرت هاهنا منها ما لم يمض وهو قوله
( فياليتَ رَثَّ الوصلِ من أمّ جَحْدَرِ ... لنا بجديدٍ من أُولاكَ البَدَائلِ )
( ولم يَبْقَ مما كان بيني وبينها ... من الوُدِّ إلا مخْفَيَات الرسائلِ )
( وإني إذا استَنْبهتُ من حُلْوِ رَقْدةٍ ... رُمِيتُ بُحِّبيها كَرْميِ المُنَاضِلِ )

صوت

فما انْسَ مِ الأشياءِ لا أنسَ قولَها ... وأدمُعها يُذْرِينَ حَشْوَ المَكَاحِل )
( تمتّعْ بذا اليوم القصيرِ فإِنه ... رَهينٌ بأيام الدهور الأطاوِلِ ) الغناء في هذين البيتين لعلي بن يحيى المنجم ولحنه من الثقيل الثاني
( وكنتُ امرَأَ أَرْمِي الزوائلَ مرّةً ... فأصبحتُ قد ودّعتُ رميَ الزوائِل )

( وعطَّلتُ قوسَ اللهو من سَرَعانها ... وعْادتْ سِهَامِي بين رَثِّ وناصِلِ ) السرعان وتر يعمل من عقب المتن وهو أطول العقب
( إذا حَلَّ بَيْتِي بينْ بَدْرٍ ومازِنٍ ... ومُرَّة نِلْتُ الشمسَ واشتدّ كاهِلِي )
( يعني بدر بن عمرو بن جؤية بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة بن ذبيان ومرة ابن عوف بن سعد بن ذبيان ومرة بن فزارة ومازن بن فزارة
وهي طويلة
قال أبو الفرج الأصبهاني أخذ إسحاق الموصلي معنى بيت ابن ميادة في قوله
( نلتُ الشمسَ واشتدّ كاهلي ... ) فقال
( عطَسْتُ بأنفٍ شامخ وتناولتْ ... يَدَايَ الثريّا قاعداً غيرَ قائمِ )
ولعمري لئن كان استعار معناه لقد اضطلع به وزاد فاحسن وأجاد
وفي هذه القصيدة يقول
( فَضَلْنا قريشاً غيرَ رَهْطِ محمدٍ ... وغيرَ بني مروان أهلِ الفضائلِ )
قال يحيى بن علي وأخبرني علي بن سليمان بن أيوب عن مصعب وأخبرني به الحسن بن علي عن أحمد بن زهير عن مصعب قال
قال إبراهيم بن هشام بن إسماعيل لابن ميادة أنت فضلت قريشا وجرده فضربه أسواطا
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال
لما قال ابن ميادة
( فَضَلْنا قريشاً غيرَ رَهْطِ محمدٍ ... وغيرَ بني مروان أهلِ الفضائلِ )

قال له الوليد بن يزيد قدمت آل محمد قبلنا فقال ما كنت يا أمير المؤمنين أظنه يمكن غير ذلك قال فلما أفضت الخلافة إلى بني هاشم وفد ابن ميادة إلى المنصور ومدحه فقال له أبو جعفر لما دخل إليه كيف قال لك الوليد فأخبره بما قال فجعل المنصور يتعجب

ابن ميادة والحكم الخضري بعريجاء

أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني عبد الله بن إبراهيم الجمحي قال حدثني العباس بن سمرة بن عباد بن شماخ بن سمرة عن ريحان بن سويد الخضري وكان راوية حكم بن معمر الخضري قال
تواعد حكم وابن ميادة عريجاء وهي ماءة يتواقفان عليها فخرج كل واحد منهما في نفر من قومه وأقبل صخر بن الجعد الخضري يؤم حكما وهو يومئذ عدو لحكم لما كان فرط بينهما من الهجاء في أركوب من بني مازن بن مالك بن طريف بن خلف بن محارب فلما لقيه قال له يا حكم أهؤلاء الذين عرضت للموت وهم وجوه قومك فوالله ما دماؤهم على بني مرة إلا كدماء جدايه فعرف حكم أن قول صخر هو الحق فرد قومه وقال لصخر قد وعدني ابن ميادة أن يواقفني غدا بعريجاء لأن أناشده فقال له صخر أنا كثير الإبل وكان حكم مقلا فإذا وردت إبلي فارتجز فإن القوم لا يشجعون عليك وأنت وحدك فإن لقيت الرجل نحر وأطعم فانحر وأطعم وإن أتيت على مالي كله
قال ريحان راويته فورد يومئذ عريجاء وأنا معه فظل على عريجاء ولم يلق رماحا ولم

يواف لموعده وظل ينشد يومئذ حتى أمسى ثم صرف وجوه إبل صخر وردها
وبلغ الخبر ابن ميادة وموافاة حكم لموعده فأصبح على الماء وهو يرتجز يقول
( أنا ابنُ مَيَّادة عَقّارُ الجُرُزْ ... كلِّ صَفِيَ ذاتِ نابٍ مُنْفَطِرْ ) وظل على الماء فنحر وأطعم
فلما بلغ حكا ما صنع ابن ميادة من نحره وإطعامه شق عليه مشقة شديدة
ثم إنهما بعد توافيا بحمى ضرية قال ريحان بن سويد وكان ذلك العام عام جدب وسنة إلا بقية كلأ بضرية
قال فسبقنا ابن ميادة يومئذ فنزلنا عى مولاة لعكاشة بن مصعب بن الزبير ذات مال ومنزلة من السلطان
قال وكان حكم كريما على الولاة هناك يتقى لسانه
قال ريحان فبينا نحن عند المولاة وقد حططنا براذع دوابنا إذا ركبان قد أقبلا وإذا نحن برماح وأخيه ثوبان ولم يكن لثوبان ضريب في الشجاعة والجمال فأقبلا يتسايران فلما رآهما حكم عرفهما فقال يا ريحان هذان ابنا أبرد فما رأيك أتكفيني ثوبان أم لا قال فأقبلا نحونا ورماح يتضاحك حتى قبض على يد حكم وقال مرحبا برجل سكت عنه ولم يسكت عني وأصبحت الغداة أطلب سلمه يسوقني الذئب والسنة وأرجو أن أرعى الحمى بجاهه وبركته ثم جلس إلى جنب حكم وجاء ثوبان فقعد إلى جنبي فقال له حكم أما ورب المرسلين يا رماح لولا أبيات جعلت

تعتصم بهن وترجع إليهن يعني أبيات ابن ظالم لاستوسقت كما استوسق من كان قبلك
قال ريحان وأخذا في حديث أسمع بعضه ويخفى علي بعضه فظللنا عند المرأة وذبح لنا وهما في ذلك يتحادثان مقبل كل واحد منهما على صاحبه لا ينظران شدنا حتى كان العشاء فشددنا للرواح نؤم أهلنا فقال رماح لحكم يا أبا منيع وكانت كنية حكم قد قضيت حاجتك وحاجة من طلبت له من هذا العامل وإن لنا إليه حاجة في أن يرعينا فقال له حكم قد والله قضيت حاجتي منه وإني لأكره الرجوع إليه وما من حاجتك بد ثم رجع معه إلى العامل فقال له بعد الحديث معه إن هذا الرجل من قد عرفت ما بيني وبينه وقد سأل الصلح وأناب إليه فأحببت أن يكون ذلك على يدك وبمحضرك
قال فدعا به عامل ضرية ول هل لك حاجة غير ذلك قال لا والله ونسي حاجة رماح فأذكرته إياها فرجع فطلبها واعتذر بالنسيان
ف العامل لابن ميادة ما حاجتك فقال ترعيني عريجاء لا يعرض لي فيها أحد فأرعاه إياها
فأقبل رماح على حكم فقال جزاك الله خيرا يا أبا منيع فوالله لقد كان ورائي من قومي من يتمنى أن يرعى عريجاء بنصف ماله
قال فلما عزما على الانصراف ودع كل واحد منهما صاحبه وانصرفا راضيين
وانصرف ابن ميادة إلى قومه فوجد بعضهم قد ركب إلى ابن هشام فاستغضبه على حكم في قوله
( وما ولدتْ مُرِّيَّةٌ ذاتَ ليلةٍ ... من الدهرِ إلا زاد لؤماً جَنِينهُا ) فأطرده وأقسم لئن ظفر به ليسرجنه وليحملن عليه أحدهم
فقال رماح وساءه ما صنعوا عمدتم إلى رجل قد صلح ما بيني وبينه وأرعيت بوجهه فاستعديتم عليه وجئتم بإطراده وبلغ الحكم الخبر فطار إلى الشأم فلم يبرحها حتى مات

قال العباس بن سمرة مات بالشأم غرقا وكان لا يحسن العوم فمات في بعض أنهارها
قال وهو وجهه الذي مدح فيه أسود بن بلال المحاربي ثم السوائي في قصيدته التي يقول فيها
( واستيقنتْ أن لا بَرَاحَ من السُّرَى ... حتى تُنَاخَ بأَسْوَدَ بنِ بِلاَلِ )
( قَرْمٌ إذا نَزل الوُفودُ ببابه ... سَمَتْ العيونُ إلى أَشَمَّ طُوَالِ )

مناقضات حكم وابن ميادة

ولحكم الخضري وابن ميادة مناقضات كثيرة وأراجيز طوال طويت ذكر أكثرها وألغيته وذكرت منها لمعا من جيد ما قالاه لئلا يخلو هذا الكتاب من ذكر بعض ما دار بينهما ولا يستوعب سائره فيطول
فمما قاله حكم في ابن ميادة قوله
( خَلِيليّ عُوَجَا حَيِّيَا الدارَ بالجَفْرِ ... وقُولاَ لها سَقْياً لعَصْرِكِ من عَصْرِ )
( وماذا تُحَيِّي من رُسُومٍ تلاعبتْ ... بها حَرْجَفٌ تَذْرِي بأذيالِها الكُدْرِ ) ومن جيد قوله فيها يفتخر
( إذا يِبِسَت عِيْدانُ قومٍ وجدتَنا ... وعِيدَانُنَا تُغْشَى على الوَرَق الخُضْرِ )
( إذا الناسُ جاؤوا بالقُرُوم أتيتُهم ... بَقْرم يُساوي رأسُه غُرَّةَ البدرِ )
( لنا الغَوْرُ والأَنْجاد والخَيْلُ والقَنَا ... عليكم وأيامُ المَكَارِمِ والفخرِ ) ومن جيد هجائه قوله
( فيا مُرّ قد أخزاكِ في كلِّ موطنٍ ... من اللؤم خَلاَّتٌ يزِدْنَ على العَشْر )

( فمنهنّ أنّ العبدَ حامي ذِمَارِكم ... وبئس المحامي العبدُُ عن حَوْزة الثَّغْرِ )
( ومنهنّ أن لم تمسَحُوا وجهَ سابقٍ ... جَوَادٍ ولم تأتوا حَصَاناً على طُهْرِ )
( ومنهنَّ أن الميْتَ يُدْفَن منكمُ ... فَيَفْسُو على دُفَّانه وهو في القبرِ )
( ومنهنّ أن الجارَ يسكُن وَسْطَكم ... بريئاً فيُلْقَى بالخيانةِ والغَدْر )
( ومنهنّ أن عُذْتُم بأَرْقَطَ كَوْدَنٍ ... وبئس المحامي أنت يا ضَرْطةَ الجَفْرَ )
( ومنهنّ أن الشيخ يوجَدُ منكُم ... يَدِبُّ إلى الحاراتِ مُحْدَوْدِب الظهرِ )
( تَبيت ضِبَابُ الضِّغْنِ تَخْشَى احتراشَها ... وإن هي أمستْ دونها ساحلُ البحرِ )
فأجابه ابن ميادة بقصيدة طويلة منها قوله مجيبا له عن هذه الخصال التي سبهم بها
( لقد سَبقتْ بالمُخْزِيات مُحَارِبٌ ... وفازَت بَخلاَّتٍ على قومِها عَشْرِ )
( فمنهنّّ أن لم تَعْقِروا ذاتَ ذِرْوةٍ ... لحقٍّ إذا ما احْتِيج يوماً إلى العَقْرِ )
( ومنهنّ أن لم تمسَحُوا عربيّةً ... من الخَيْل يوماً تحت جُلَّ على مُهْرِ )

( ومنهنّ أن لم تضرِبوا بسيوفكم ... جَمَاجِمَ إلا فَيْشَلَ القُرّحِ الحُمْر )
( ومنهنّ أن كانت شيوخُ محارِب ... كما قد علمتم لا تِريشُ ولا تَبْرِي )
( ومنهنّ أخزى سَوءةٍ لو ذكرتُها ... لكنتم عبيداً تخدُمون بني وَبْرِ )
( ومنهنّ أن الضأن كانت نساءَكم ... إذا اخضرَّ أطرافُ الثْمَام من القَطْرِ )
( ومنهنّ أن كانت عجوزُ مُحَارِبٍ ... تُرِيغ الصِّبَا تحت الصَّفِيح من القَبْرِ )
( ومنهنّ أَنْ لو كان في البحر بعضُكُمْ ... لخبَّثَ ضَاحِي جِلْدِهِ حَوْمةَ البحرِ ) ومما قاله ابن ميادة في حكم قوله من قصيدة أولها
( ألا حَيِّيَا الأطلالَ طالتْ سِنِينُها ... بحيثُ التقتْ رُبْدُ الجِنَاب وعِينُها ) ويقول فيها
( فلمّا أتاني ما تقولُ مُحارِبٌ ... تغنَّتْ شياطيني وجُنَّ جُنُونُها )
( ألم تَرَ أنَّ اللهَ غَشَّى مُحارِباً ... إذا اجتمعَ الأقوامُ لوناً يَشِينُها )
( ترى بوجوه الخُضْر خُضْرِ مُحارِبٍ ... طوابعَ لؤم ليسَ يْنَفَتُّ طِينُها )
( لقد سَاهَمَتْناكُمْ سُليمٌ وعامرٌ ... فَضمِنْاهُمُ إنّا كذاك نَدِينُها )
( فصارتْ لنا أهلُ الضَّئين مُحَارِبٌ ... وصارتْ لهم جَسْرٌ وذاكَ ثَمينُها )

( إذا أخذتْ خُضْريَّةٌ قائمَ الرحَى ... تَحَرَّكُ قُنباها فطارَ طَحِينُها )
( وما حَمَلْت خُضْريَّةٌ ذاتِ ليلةٍ ... من الدهر إلاّ ازدادَ لؤما جَنِينُها )
فقال حكم يجيبه عن هذه بقصيدته
( لأنتَ ابنُ أَشبانيّةٍ أدلجتْ به ... إلى اللّؤمِ مِقْلاتٍ لئيمٍ جَنِينُها )
( فجاءتْ بَروَّاثٍ كأنّ جَبِينَه ... إذا ما صَغَا في خِرْقَتَيها جَبِينُها )
( فما حَمَلتْ مُرِّيّة قطُّ ليلةً ... من الدهر إلاّ ازداد لؤماً جَنِينُها )
( وما حَمَلتْ إلا لألأمِ مَنْ مَشَى ... ولا ذُكرتْ إلاّ بأمرٍ يَشِينها )
( تزوّجُ عثوانُ الضَّئينَ وتَبْتَغِي ... بها الدَّرَّ لا دَرَّتْ بخيرٍ لبَوُنها )
( أظنَّتْ بنو عثوان أن لستُ شاتماً ... بشَتْمِي وبعضُ القوم حَمْقَى ظُنُونُها )
( مَدَانِيسُ أبرامٌ كأنّ لِحَاهُمُ ... لِحَى مُسْتَهِباتٍ طِوَالٍ قُرُونُها )
قال الزبير فحدثني موهوب بن رشيد قال فسمع هذه القصيدة أحد بني قتال بن مرة فقال ماله أخزاه الله يهجو صبيتنا قال وهم أجفى قوم غضبا لصبيتهم وقد هجاهم بما هجاهم به
قال وبلغ إبراهيم بن هشام قوله في نساء بني مرة إذ يقول
( وما حَمَلتْ إلا لألأم مَنْ مَشَى ... )
فغضب ثم نذر دمه فهرب من الحجاز إلى الشأم فمات بها

أخبرني الحرمي بن ابي العلاء قال حدثنا الزبير قال حدثني عبد الرحمن بن ضبعان الخضري قال
لقي ابن ميادة صخر بن الجعد الخضري فقال له يا صخر أعنت علي ابن عمك الحكم بن معمر فقال له صخر لا والله يا أبا الشرحبيل ما أعنته عليك ولكن خيل إليك ما كان يخيل إلي ولقد هاجيته فكنت أظن أن شجر الوادي يعينه علي
ومن جيد قول ابن ميادة في حكم قصيدته التي أولها

صوت

( لقد سبَقَتْك اليومَ عَيْناك سَبْقَةً ... وأبكاكَ من عهد الشباب ملاعُبْه )
( فوالله ما أَدرِي أيَغلِبُني الهَوَى ... إذا جَدَّ جِدُّ البَيْن أم أنا غالبُهْ )
( فإن أستطِعْ أغلِبْ وإن يَغلِب الهَوَى ... فمثلُ الذي لاقيتُ يُغْلَبُ صاحبُهْ )
في هذه الأبيات غناء ينسب يقول فيها في هجاء حكم
( لقد طالَ حَبْسُ الوَفْدِ وَفْدِ مُحَارِبٍ ... عن المجدلم يَأْذَنْ لهم بَعْدُ حاجِبُهْ )
( وقال لهم كُرُّوا فلستُ بآذنٍ ... لكم أبداً أو يُحْصِيَ التُّرْبَ حاسِبُهْ )
وهي قصيدة طويلة

منزلة ابن ميادة عند الوليد

أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني جلال بن عبد العزيز المري ثم الصاردي عن أبيه
قال جلال وقد رأيت ابن ميادة في بيت أبي قال قال لي ابن ميادة وصلت أنا والشعراء إلى الوليد بن يزيد وهو خليفة
وكان مولى من موالي خرشة

يقال له شقران يعيب ابن ميادة ويحسده على مكانه من الوليد فلما اجتمعت الشعراء قال الوليد بن يزيد لشقران يا شقران ما علمك في ابن ميادة قال علمي فيه يا أمير المؤمنين أنه
( لئيمٌ يُبَارِي فيه أَبْردُ نَهْبلا ... لئيمٌ أتاه اللؤمُ من كلّ جانبِ )
فقال الوليد يا ابن ميادة ما علمك في شقران قال علمي يا أمير المؤمنين أنه عبد لعجوز من خرشة كاتبته على أربعين درهما ووعدها أو قال وعدته أن تجيزه بعشرين درهما فقبضته إياها فأغنه عني يا أمير المؤمنين فليس له أصل فأحتفره ولا فرع فاهتصره فقال له الوليد اجتنبه يا شقران فقد أبلغ إليك في الشتيمة فقصر صقران صاغرا ثم أنشدته فأقيمت الشعراء جميعا غيري وأمر لي بمائة لقحة وفحلها وراعيها وجارية بكر وفرس عتيق فاختلت ذلك اليوم وقلت
( أعطيْتَنِي مائةً صُفْرا مَدَامِعُها ... كالنخل زَيَّنَ أعلَى نَبْتِهِ الشَّرَبُ )
ويروى
( كأنها النخلُ رَوَّى نَبْتَها الشَّرَبُ ... )
( يَسُوقُها يافع جَعْدٌ مفارقُهُ ... مثْلُ الغُرَاب غَذَاه الصَّرُّ والحَلَبُ )

( وذا سَبِيبٍ صُهَيْبِيّاً له عُرُفٌ ... وهَامَةٌ ذاتُ فَرْقٍ نَابُها صَخِبُ )
لم يذكر الزبير في خبره غير هذه الأبيات الثلاثة وهي من قصيدة للرماح طويلة يمدح فيها الوليد بن يزيد وقد أجاد فيها وأحسن وذكرت من مختارها هاهنا طرفا وأولها
( هل تَعرفُ الدارَ بالعَلْياء غَيَّرَها ... سَافِي الرِّياحِ ومُسْتَنٌّ له طُنُبُ )
( دارٌ لبيضاءَ مُسْوَدٌّ مسائحُها ... كأنّها ظَبْيَةٌ تَرْعَى وتَنْتَصبُ )
المسائح ما بين الأذن إلى الحاجب من الشعر وتنتصب تقف إذا ارتاعت منتصبة تتوجس
( تحنُو لأكْحَلَ ألْقَتْهُ بمَضيْعَةٍ ... فقَلْبُها شَفَقاً من حَوْلِه يَجِبُ ) يقول فيها
( يا أطيبَ الناسِ ريقاً بعدَ هَجْعَتها ... وأملحَ الناسِ عَيْنَاً حينَ تَنْتَقِبُ )
( ليستْ تجودُ بنَيْلٍ حينَ أسألها ... ولستُ عندَ خَلاء اللَّهو أَغتصبُ )
( في مرْفَقَيْها إذا ما عُونِقَتْ جَمَم ... على الضَّجِيعِ وفي أنيابها شَنَبُ )
( وليلةٍ ذاتِ أهوالٍ كواكِبُها ... مثلُ القناديلِ فيها الزَّيتُ والعُطُبُ )

( قد جُبْتُها جَوْبَ ذي المِقْراضِ مْمَطَرًة ... إذا استوى مُغْفَلاتُ البِيدِ والَحَدب )
( بِعَنْتَرِيس كأن الدَّبْرَ يَلْسَعُها ... إذا تَرَنَّمَ حادٍ خَلْفَها طَرِبُ )
( إلى الوليد أبي العبّاس ما عجِلتْ ... ودونَه المُعْطُ من لُبْنانَ والكُثُبُ ) وبعد هذا البيت قوله
( أعطيتَني مائةً صُفْراً مَدامِعُها ... ) الخ
( لمّا أتيتُك مِن نَجْدٍ وساكنِه ... نَفحتَ لي نَفْحَةً طارتْ بها العَرَبُ )
( إنّي امرُؤٌ أعتفِي الحاجاتِ أطلُبُها ... كما اعتَفى سَنِقٌ يُلْقَى له العُشُبُ ) السنق الذي قد شبع حتى بشم يقول أطلب الحاجة بغير حرص ولا كلب كما يعتفي هذا البعير البشم من غير شره ولا شدة طلب
( ولا أُلِحَ على الخُلاّن أَسألُهم ... كما يُلِحّ بعظْم الغارب القَتَبُ )

( ولا أُخادع نَدْمانِي لأخدَعَه ... عن ماله حين يََسْتَرْخِي به اللَّبَبُ )
( وأنت وابناك لم يوجد لك مَثَلٌٌ ... ثلاثة كلّهم بالتاج مُعْتَصِبُ )
( الطيّبون إذا طابتْ نفوسُهُم ... شُوسُ الحواجب والأبصار إنْ غَضِبُوا )
( قِسنِي إلى شُعراء الناسِِ كلِّهِم ... وادعُ الرُّواة إذا ما غَبّ ما اجتَلَبُوا )
( إنّي وإن قال أقوام مَديحُهُم ... فأَحسنوه وما حابوا وما كَذَبوا )
( أَجرِي أمامَهُم جَرْيَ امرء فَلَج ... عِنانُه حين يَجْري ليس يَضْطرِبُ )

اشتداد الهجاء بين ابن ميادة وشقران

أخبرني يحيى بن علي قال أخبرنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال أخبرني أبو الحسن أظنه المدائني قال أخبرني أبو صالح الفزاري قال
أقبل شقران مولى بني سلامان بن سعد هذيم أخي عذرة بن سعدا بن هذيم قال وهذيم عبد حبشي كان حضن سعدا فغلب عليه وهو ابن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة من اليمامة ومعه تمر قد امتاره فلقيه ابن ميادة فقال له ما هذا معك قال تمر امترته لأهلي يقال له زب رباح فقال له ابن ميادة يمازحه
( كأنّك لم تَقْفُلُ لأهلك تَمْرةً ... إذا أنت لم تَقْفُل بزُبِّ رُبَاحِ )

فقال له شقران
( فإِنْْ كان هذا زُبَّه فانطلق به ... إلى نِسْوةِ سُودِ الوُجوه قِباحِ ) فغضب ابن ميادة وأمضه وأنحى عليه بالسوط فضربه ضربات وانصرف مغضبا فكان ذلك سبب الهجاء بينهما
قال حماد عن أبيه وحدثني أبو علي الكلبي قال
اجتمع ابن ميادة وشقران مولى بني سلامان عند الوليد بن يزيد فقال ابن ميادة يا أمير المؤمنين أتجمع بيني وبين هذا العبد وليس بمثلي في حسبي ولا نسبي ولا لساني ولا منصبي فقال شقران
( لَعَمْرِي لئن كنت ابن شَيْخي عشيرتي ... هِرَقْلٍ وكِسْرى ما أُرانِي مُقَصِّرا )
( وما أَتمنَّى أنْ أكون ابن نزوةٍ ... نَزَاها ابن أرْضٍ لم تجِدْ مُتَمهرّا )
( على حائلٍ تَلْوِي الصِّرار بكَفِّها ... فجاءتْ بخَوَّارٍ إذا عُضّ جَرْجرا )
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير بن بكار وأخبرنا يحيى بن علي عن أبي أيوب المديني عن زبير قال حدثني جلال بن عبد العزيز وقال يحيى بن خلاد عن أبي أيوب بن عبد العزيز قال
استأذن ابن ميادة على الوليد بن يزيد وعنده شقران مولى قضاعة فأدخله في صندوق وأذن لابن ميادة فلما دخل أجلسه على الصندوق واستنشده هجاء شقران

فجعل ينشده ثم أمر بفتح الصندوق فخرج عليه شقران وجعل يهدر كما يهدر الفحل ويقول
( سأَكْعَمُ عن قُضاعةَ كَلْبَ قيسٍ ... عَلى حَجَرٍ فيُنْصِتُ للكَعامُ )
( أسيرُ أمامَ قَيْسٍ كلَّ يومٍ ... وما قيسٌ بسائرةٍ أمامي ) وقال أيضا وهو يسمع
( إنّي إذا الشُعراءُ لاقَى بعضُهُمْ ... بعضاً ببَلْقَعةٍ يريد نِضالهَا )
( وقَفوا لمُرْتَجِزِ الهدير إذا دنتْ ... منه البِكارة قطَّعَتْ أبوالَها )
( فتركتهُمْ زُمَراً تَرَمَّزُ باللِّحى ... منها عَنَافِقُ قد حَلقتُ سِبالهَا ) فقال له ابن ميادة يا أمير المؤمنين اكفف عني هذا الذي ليس له أصل فأحفره ولا فرع فأهصره فقال الوليد أشهد أنك قد جرجرت كما قال شقران
( فجاءتْ بخوّار إذا عُضّ جرجرا ... )
قال يحيى في خبره واجتمع ابن ميادة وعقال بن هاشم بباب الوليد بن

يزيد و كان عقال شديد الرأي في اليمين فغمز عقال ابن ميادة واعتلاه فقال ابن ميادة
( فَجرْنا ينابيع الكلام و بَحْرَهُ ... فأصبحَ فيه ذو الرِّوايه يَسْبَحُ )
( وما الشِّعرُ إلاّ شعرُ قيس وخِنْدِفٍ ... وقوْل سِواهم كُلْفَةٌ و تملُّحُ ) فقال عقال يجيبه
( ألاَ أبْلِغ الرَّمَّاح نقْضَ مَقالةٍ ... بها خَطِلَ الرَّمَّاحُ أو كان يَمْزَحُ )
( لئن كان في قيسٍ وخِنْدَفَ أَلْسُنٌ ... طِوالٌ وشِعْرٌ سائرُ ليس يُقْدَحُ )
( لقد خَرق الحيُّ اليمانون قبلَهمْ ... بحورَ الكلام تُسْتَقي وهي تَطْفَحُ )
( وهُمْ عَلَّموا مَنْ بعدَهم فتعلّموا ... وهُمْ اعربوا هذا الكلامَ وأوضحوا )
( فللسابقين الفضلُ لا يُجْحَدُونه ... و ليس لمَخْلوقٍ عليهم تبجُّحُ )

الحنين إلى الوطن

أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثنا جلال بن عبد العزيز عن أبيه قال حدثني ابن ميادة قال قلت وأنا عند الوليد بن يزيد بأباين وهو موضوع كان الوليد ينزله في الربيع

( لَعمْرُك إني نازلٌ بأَبايِنٍ ... لصَوْءَرَ مشتاقٌ وإِن كُنْتُ مُكْرَما )
( أبِيتُ كأنّي أرمَدُ العين ساهرٌ ... إذا بات أصحابي من الليل نُوَّما ) قال فقال لي الوليد يا بن ميادة كأنك غرضت من قربنا فقلت ما مثلك يا أمير المؤمنين يغرض من قربه ولكن
( ألا لَيتَ شِعرِي هل أبيتنّ ليلةً ... بحرّةِ ليلَى حيث رَبَّتني أهلي )
( وهل أَسمعَنّ الدهرَ أصواتَ هَجْمَةٍ ... تَطَالعُ من هَجْلٍ خَصيبٍ إلى هَجْلِ )
( بلادٌ بها نِيطَتْ عليّ تَمائِمي ... وقُطِّعَن عنيِّ حينَ أدركنِي عَقْلِي )
( فإِنْ كُنتَ عن تلك المواطنِ حابِسِي ... فأَيْسِرْ عليَّ الرزق واجمَع إذاً شَمْلي ) فقال كم الهجمة مائة ناقة فقال قد صدرت بها كلها عشراء
قال ابن ميادة فذكرت ولدانا لي بنجد إذا استطعموا الله عز و جل أطعمهم و أنا و إذا استسقوه سقاهم الله وأنا وإذا استكسوه كساهم الله وأنا فقال يا بن ميادة وكم ولدانك فقلت سبعة عشر منهم عشرة نفر وسبع نسوة فذكرت ذلك منهم فأخذ بقلبي فقال يا بن ميادة قد أطعمهم الله وأمير المؤمنين وسقاهم الله وأمير المؤمنين وكساهم الله وأمير المؤمنين أما النساء فأربع حلل مختلفات الألوان

وأما الرجال فثلاث حلل مختلفات الألوان و أما السقي فلا أرى مائة لقحة إلا سترويهم فإن لم تروهم زدتهم عينين من الحجاز قلت يا أمير المؤمنين لسنا بأصحاب عيون يأكلنا بها البعوض و تأخذنا بها الحميات قال فقد أخلفها الله عليك كل عام لك فيه مثل ما أعطيتك العام مائة لقحة و فحلها وجارية بكر وفرس عتيق
وأخبرنا يحيى بن علي قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال حدثني شداد بن عقبة عن عبد السلام بن القتال قال
عارضني ابن ميادة فقال أنشدني يابن القتال فأنشدته
( ألاَ ليت شعري هل أبيتَنّ ليلةً ... بصحراءَ مَا بين التَّنُوفة والرّمْلِ )
( وهل أزجُرنّ العيسَ شاكيَة الوَجى ... كما عَسَلَ السِّرحانُ بالبلد المَحْلِ )
( وهل أسْمَعَنَّ الدهرَ صوتَ حمامةٍ ... تُغَنّي حمَاماتٍ على فَنَنٍ جَثْلِ )
( وهل أشرَبنّ الدهر مُزْنَ سحابةٍ ... على ثَمِد الأفعاة حاضرُه أهلي )
( بلادٌ بها نيطتْ عليّ تمائِمي ... وقُطِّعَن عنِّي حين أدركني عقْلي )

قال فأتاني الرواة بهذا البيت وقد اصطرفه ابن ميادة وحده
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثني إسحاق بن إبراهيم قال حدثني رجل من كلب وأخبرني يحيى بن علي بن يحيى عن حماد عن أبيه عن أبي علي الكلبي قال
أمر الوليد بن يزيد لابن ميادة بمائة من الإبل من صدقات بني كلب فلما أتى الحول أرادوا أن يبتاعوها له من الطرائد وهي الغرائب وأن يمسكوا التلاد فقال ابن ميادة
( ألم يَبْلُغْكَ أنّ الحيّ كلباً ... أرادوا في عطيّتكَ ارتدادا )
( وقالوا إنّها صُهْب ووُرْقٌ ... وقد أَعطيتَها دُهْماً جِعادا ) فعلموا أن الشعر سيبلغ الوليد فيغضبه فقالوا له انطلق فخذها صفرا جعادا

رثاء الوليد

وقال يحيى بن على في روايته لما قتل الوليد بن يزيد قال ابن ميادة يرثيه
( ألاَ يا لهْفَتَيّ على وليدٍ ... غداةٌ أصابه القَدَرُ المُتاحُ )

( ألاَ أبكي الوليد فتى قُرَيْشٍ ... وأسمَحها إذا عُدّ السِّماحُ )
( وأجبَرها لذي عَظْمٍ مَهِيضٍ ... إذا ضنّت بِدرتها اللِّقَاحِ )
( لقد فعلَتْ بنو مَرْوانَ فِعْلاً ... وأمراً ما يسوغ به القَرَاحُ ) قال يحيى وغنى فيه عمر الوادي ولم يذكر طريقة غنائه
أخبرنا الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثنا محمد بن زهير بن مضرس الفزاري عن أبيه قال
أخصب جناب الحجاز الشامي فمالت لذلك الخصب بنو فزارة وبنو مرة فتحالوا جميعا به
فبينا ذات يوم أنا وابن ميادة جالسان على قارعة الطريق عشاء إذا راكبان يوجفان راحلتين حتى وقفا علينا فإذا أحدهما بحر الريح وهو عثمان بن عمرو بن عثمان بن عفان معه مولى له فنسبنا وانتسب لنا وقد كان ابن ميادة يعللني بشعره فلما انقضى كلامنا مع القرشي ومولاه استعدت ابن ميادة ما كنا فيه فأنشدني فخرا له يقول فيه
( وعلى المُلَيْحَة من جَذِيمةَ فِتْيةٌ ... يتمارضُون تمارضَ الأُسْدِ )
( وتَرى الملوكَ الغُرّ تحت قِبابهم ... يمشُون في الحَلْقَات والقِدِّ )

قال فقال له القرشي كذبت قال ابن ميادة أفي هذا وحده أنا والله في غيره أكذب فقال له القرشي إن كنت تريد في مديحك قريشا فقد كفرت بربك ودفعت قوله ثم قرأ عليه ( لإ يلا ف قريش ) حتى أتى على آخرها ونهض هو ومولاه وركبا راحلتيهما فلما فاتا أبصارنا قال ابن ميادة
( سمِينُ قريشٍ مانعٌ منكَ نفسَهُ ... وغَثُّ قريشٍ حيث كان سمينُ )

هجاء بني حميس

( أخبرنا يحيى بن علي عن حماد عن أبيه عن أبي الحارث المري قال
كان ابن ميادة قد هاجى سنان بن جابر أحد بنى حميس بن عامر بن جهينة ابن زيد بن ليث بن سود بن أسلم فقال ابن ميادة له فيما قال من هجائه
( لقد طالما عَلّلتَ حُجْراً وأهلَه ... بأعراض قيسٍ يا سنانُ بن جابِر )
( أأهجُو قُرَيْشاً ثم تكرهَ رِيبتي ... ويَسرِقُنِي عِرْضِي حُمَيْسُ بَنُ عامِر ) قال وقال فيهم أيضا
( قِصار الخُطَى فُرْق الخُصَى زُمَرُ اللِّحَى ... كأنّهُم ظِرْبَى اهْتَرشْنَ على لَحمْ )
( ذكرتُ حَمَام القَيْظ لما رأيتُهم ... يُمَشُّون حَوْلي في ثيابهم الدُّسمِ )
( وتُبْدِي الحُمَيْسيَّاتُ في كلّ زِينِةٍ ... فُروجاً كآثار الصِّغار من البَهْمِ )

قال ثم إن ابن ميادة خرج يبغي إبلا له حتى ورد جبارا وهو ماء لحميس بن عامر فأتى بيتا فوجد فيه عجوزا قد أسنت فنشدها إبله فذكرتها له وقالت ممن أنت قال رجل من سليم بن منصور فأذنت له وقالت ادخل حتى نقريك وقد عرفته وهو لا يدري فلما قرته قال ابن ميادة وجدت ريح الطيب قد نفح علي من البيت فإذا بنت لها قد هتكت الستر ثم استقبلتني وعليها إزار أحمر وهي مؤتزرة به فأطلقته وقالت انظر يا بن ميادة الزانية أهذا كما نعت فلم أر امرأة أضخم قبلا منها فقالت أهذه كما قلت
( وتُبْدِي الحُمَيْسيَّاتُ في كلّ زِينِةٍ ... فُروجاً كآثار الصِّغار من البَهْمِ ) قال قلت لا والله يا سيدتي ما هكذا قلت ولكن قلت
( وتُبْدِي الحُمَيْسيَّاتُ في كلّ زِينِةٍ ... فُروجاً كآثار المُقَيْسرَةِ الدُّهْمِ ) وانصرف يتشبب بها فذلك حين يقول
( نَظَرْنا فهاجَتْنا على الشّوْق والهَوَى ... لزينبَ نارٌ أُوقِدَتْ بجُبَارِ )
( كأنّ سنَاها لاحَ لي من خَصَاصةٍ ... على غير قَصْدٍ والمَطِيُّ سَوَارِي )
( حُمَيسيّةٌ بالرملتين مَحلُّها ... تَمُدّ بحِلْفٍ بيننا وجِوَارِ )
قال أبو داود وكانت بنو حميس حلفاء لبنى سهم بن مرة ثم للحصين بن

الحمام وتمد وتمت واحد

رجع إلى الشعر

( تُجاوِر من سهْمِ بن مُرّة نِسوةٍ ... بمُجْتَمَع النقبين غير عَوِاري )
( نواعمَ أبكَاراً كأنّ عيونَها ... عيونُ ظِباءٌ أو عيونُ صُوارِ )
( كأنّا نراها وهي منّا قريبةٌ ... على متْن عصْماءِ اليَدَيْنِ نَوارِ )
( تَتَبّعُ من حِجْر ذُرا مُتَمَنِّع ... لها مَعْقِلٌ في رأس كلّ طَمار )
( يَدُور بها ذو أسهُم لا ينالها ... وذو كَلَبات كالقِسيّ ضوَارِي )
( كأنّ على المَتْنَيْن منها وَدِيّةً ... سَقَتْها السواقي من وَدِيّ دَوارِ )
( يَظَلّ سحيقُ المِسْك يقطرُ حَوْلَها ... إذا الماشِطاتُ احتفنه بمَدارِي )
( وما رَوْضَةٌ خضْراءُ يضرِبها النّدى ... بها قُنَّةٌ من حَنْوَةٍ وعَرارِ )

( بأطيبَ من ريح القَرَنْفُل ساطعاً ... بما التفّ من دِرْع لها وخمَارِ )
( وما ظبيةٌ ساقتْ لها الريحُ نَغْمَةً ... على غفلَةٍ فاستسمعت لخُوارِ )
( بأحسنَ منها يومَ قامتْ فأَتْلعتْ ... على شَرَكٍ من رَوْعةٍ ونفارِ )
( فليتَكِ يا حسناءُ يابنةَ مالكٍ ... يَبيع لنا منكِ المَودّة شَارِي )

ابن ميادة وزينب بنت مالك

)
وأخبرني بهذا الخبر الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني أبو حرملة منظور بن أبي عدي الفزاري ثم المنظوري عن أبيه قال حدثني رماح بن أبرد قال
خرجت قافلا من السلع إلى نجد حتى إذا كنت ببعض أهضام الحرة هكذا في نسختى وأظنه هضاب الحرة رفع لي بيت كالطراف العظيم وإذ

بفنائه غنم لم تسرح فقلت بيت من بيوت بني مرة وبي من العيمة إلى اللبن ما ليس بأحد فقلت آتيهم فأسلم عليهم وأشرب من لبنهم فلما كنت غير بعيد سلمت فردت علي امرأة برزة بفناء البيت وحيت ورحبت واسنزلتني فنزلت فدعت بلبن ولبأ ورسل من رسل تلك الغنم ثم قالت هيا فلانة البسي شفا واخرجي فخرجت علي جارية كأنها شمعة ما رأيت في الخلق لها نظيرا قبل ولا بعد فإذا شفها ذاك ليس يواري منها شيئا وقد نبا عن ركبها ما وقع عليه من الثوب فكأنه قعب مكفأ ثم قالت يا بن ميادة الخبيثة أأنت القائل
( وتُبْدِي الحُمَيْسيَّاتُ في كلّ زِينِةٍ ... فُروجاً كآثار الصِّغار من البَهْمِ ) فقلت لا والله جعلني الله فداك يا سيدتي ما قلت هذا قط وإنما قلت
( وتُبْدِي الحُمَيْسيَّاتُ في كلّ زِينِةٍ ... فُروجاً كآثار المُقَيْسرَةِ الدُّهْمِ )

قال وكان يقال للجارية الحميسية زينب بنت مالك وفيها قال ابن ميادة قصيدته
( ألِمّا فَزُورَا اليومَ خيْرَ مَزارِ ... )
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني موهوب ابن رشيد الكلابي قال
أعطى الوليد بن زيد ابن ميادة جارية طبرية أعجمية لا تفصح حسناء جميلة كاملة لولا العجمة فعشقها وقال فيها
( جزاكَ الله خيرًا من أمير ... فقد أَعطيتَ مِبْراداً سَخُونَا )
( بأهلي ما أَلذَّكَ عند نفسي ... لَوَ أنَّك بالكلام تُعَرِّيينا )
( كأنّكِ ظبيةٌ مَضغَتْ أراكاً ... بوادِي الِجْزع حين تُبَغِّمِينَا )

بعض أوصاف ابن ميادة

أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني إسحاق بن شعيب بن إبراهيم ابن محمد بن طلحة قال
وردت على بني فزارة ساعيا فأتاني ابن ميادة مسلما على وجائتني بنو

فزارة ومعها رجل من بني جعفر بن كلاب كان لهم جارا وكان مخططا موسوما بجمال فلما رأيته أعجبني فأقبلت على بني فزارة وقلت لهم أي أخوالي هذا فو الله إنه ليسرني أن أرى فيكم مثله فقالوا هذا أمتع الله بك رجل من بني جعفر بن كلاب وهو لنا جار
قال فأصغى إلي ابن ميادة وكان قريبا مني وقال لا يغرنك بأبي أنت ما ترى من جسمه فإنه أجوف لا عقل له فسمعه الجعفري فقال أفي تقع يا بن ميادة وأنت لا تقري ضيفك فقال له بان ميادة إن لم أقره قراه ابن عمي وأنت لا تقري ولا ابن عمك
قال ابن عمران فضحكت مما شهد به ابن ميادة على نفسه
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني محمد بن إسماعيل الجعفري عن المعلى بن نوح الفزاري قال حدثني خال لي كان شريفا من سادات بني فزارة قال
ضفت ابن ميادة فأكرمني وتحفى بي وفرغ لي بيتا فكنت فيه ليس معي أحد ثم جاءني بقدح ضخم من لين إبله فشربته ثم ولى فلم ينشب أن جاءني بآخر فتناولت منه شيئا يسيرا فما لبثت حتى عاد بآخر فقلت حسبك يا رماح فلا حاجة لي بشيء فقال اشرب بأبي أنت فوالله لربما بات الضيف عندنا مدحورا
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني عمي مصعب عن جدي عبد الله بن مصعب قال

أتينا ابن ميادة نتلقى منه الشعر فقال لنا هل لكم في فضل شنة فظنناها تمرا فقلنا له هات لنبسطه بذلك فإذا شنة فيها فضلة من خمر قد شرب بعضها وبقي بعض فلما رأيناها قمنا وتركناه
أخبرنا الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن الكثيري قال حدثني نعمة الغفاري قال
قدم ابن ميادة المدينة فدعي في وليمة فجاء فوجد على باب الدار التي فيها الوليمة حرسا يضربون الزلالين بالسياط يمنعونهم من الدخول فرجع و هو يقول
( ولمّا رأيتُ الأَصْبَحِيّة قنّعتْ ... مفارِقَ شُمْطٍ حيث تُلْوَى العمائمُ )
( تركتُ دِفَاع الباب عمّا وراءَه ... وقلتُ صحيحٌ من نجا وهو سالُم )
أخبرني يحيى بن علي عن أبيه عن إسحاق قال
قال الوليد بن يزيد لابن ميادة في بعض وفاداته عليه من تركت عند نسائك قال رقيبين لا يخالفاني طرفة عين الجوع والعري
وهذا القول والجواب يروى أن عمر بن عبد العزيز وعقيل بن علفة تراجعاهما وقد ذكر في

أخبار عقيل

مدح أبي جعفر المنصور

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني عمي مصعب وأخبرني محمد بن مزيد قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه عن الزبير و أخبرنا يحيى بن علي قال حدثنا أبو أيوب المديني عن مصعب
أن ابن ميادة مدح أبا جعفر المنصور بقصيدته التي يقول فيها
( طلعتْ علينا العِيسُ بالرَّمَّاحِ ... )
ثم خرج من عند أهله يريده فمر على إبله فحلبت له ناقة من إبله وراح عليه راعيه بلبنها فشربه ثم مسح على بطنه ثم قال سبحان الله إن هذا لهو الشره يكفيني لبن بكرة وأنا شيخ كبير ثم أخرج واغترب في طلب المال ثم رجع فلم يخرج
وهذه القصيدة من جيد شعر ابن ميادة أولها
( وكواعبٍ قد قلن يومَ تَوَاعُدٍ ... قَوْلَ المُجِدّ وهُنّ كالمُزَّاحِ )
( يا ليتَنا في غير أمرٍ فَادِح ... طَلَعَتْ عَلَيْنا العِيسُ بالرَّمّاحِ )
( بَيْنا كذاكَ رأينَني مُتَعَصِّباً ... بالخَزِّ فوق جُلالةٍ سِرْداحِ )

( فيهنّ صفراءُ المَعاصِمِ طَفْلَةٌ ... بيْضاءُ مثلُ غَرِيضةِ التُّفّاحِ )
( فَنظَرنَ من خَلَلِ الحِجَال بأعينٍ ... مَرْضَى مُخالِطُها السَّقَامُ صِحاحِ )
( وارتشنَ حين اردن أنْ يرمِينَني ... نَبْلاً بلا رِيشٍ ولا بِقدَاحٍ ) يقول فيها في مدح المنصور وبني هاشم
( فلئِنْ بقِيتُ لأَلحقَنّ بأَبْحُرٍ ... يَنْمينَ لا قُطْعٍ ولا أنْزاحِ )
( ولآتينّ بَني عليّ إنّهُمْ ... مَن يأتهم يُتَلقّ بالإِفلاحِ )
( قومٌ إذا جُلِب الثناء إليهِمُ ... بِيعَ الثناء هناك بالأرباحِ )
( ولأجْلِسَنّ إلى الخليفة إنّه ... رَحْبُ الفِناء بواسع بحباحِ ) وهي قصيدة طويلة
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثنا إسحاق بن أيوب بن سلمة قال اعتمرت في رجب سنة خمس ومائة فصادفني ابن ميادة بمكة وقدمها معتمرا فأصابنا مطر شديد تهدمت منه البيوت وتوالت فيه الصواعق فجلس إلي ابن ميادة الغد من ذلك اليوم فجعل يأتيني قوم من قومي وغيرهم فأستخبرهم عن ذلك الغيث فيقولون صعق فلان وانهدم منزل فلان فقال ابن ميادة هذا العيث لا الغيث فقلت فما الغيث عندك فقال

( سحائبُ لا مِن صَيِّبٍ ذي صَوَاعِقٍ ... ولا مُحْرِقات ماؤُهنّ حَمِيمُ )
( إذا ما هبطْنَ الأرضَ قد مات عُودُها ... بكَيْنَ بها حتّى يَعيش هَشِيمُ )
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني موسى بن زهير عن أبيه قال
جلست أنا وعيسى بن عميلة وابن ميادة ذات يوم فأنشدنا ابن ميادة شعره مليا ثم أنشدنا قوله
( ألا لَيتَ شِعرِي هل أبيتنّ ليلةً ... بحرّةِ ليلَى حيث رَبَّتني أهلي )
( بلادٌ بها نِيطَتْ عليّ تَمائِمي ... وقُطِّعَن عنيِّ حينَ أدركنِي عَقْلِي )
( وهل أَسمعَنّ الدهرَ أصواتَ هَجْمَةٍ ... تَطَالعُ من هَجْلٍ خَصيبٍ إلى هَجْلِ )
( صُهَيْبَيّةٍ صفراء تُلْقي رِباعها ... بمُنْعَرجِ الصَمَان والجَرَع السهل ) تلقى راعها تطرح أولادها
وواحد الرباع ربع
( وهل أجمعنّ الدهرَ كفَّيَّ جَمْعةً ... بمَهْضومةِ الكَشْحَيْن ذاتِ شَوىً عَبْلِ )
( مُحلَّلةٍ لي لا حَراما أتيتُها ... من الطيبَات حين تَرْكُض في الحِجل )
( تميلُ إذا مالَ الضجيع بعطفِها ... كما مالَ دِعْص من ذُرَاً عَقْد الرملِ ) فقال له عيسى بن عميلة فأين قولك يا أبا الشرحبيل

( لقد حَرَّمت أُميِّ عليّ عَدِمْتُها ... كَرائمَ قومي ثّم قِلَّةُ ماليا ) فقلت له فاعطف إذا إلى أمة بني سهيل فهي أعند وأنكد وقد كنت أظن أنِ ميادة قد ضربت جأشك على اليأس من الحرائر وأنا أداعبه وأضاحكه فضحك وقال
( ألم تَر قوماً يَنْكِحون بمالِهِمْ ... ولو خَطَبتْ أنسابُهم لم تُزَوْجِ )
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني عمي مصعب وغيره
أن حسينة اليسارية كانت جميلة وآل يسار من موالي عثمان رضوان الله عليه يسكنون تيماء ولهم هناك عدد وجلد وقد انتسبوا في كلب إلى يسار بن أبي هند فقبلهم بنو كلب قال وكانت عند رجل من قومها يقال له عيسى بن إبراهيم ابن يسار وكان ابن ميادة يزورها وفيها
( ستأتينا حُسينَةُ حيث شِئْنا ... وإِنْ رَغِمَتْ أُنوفُ بني يَسارِ ) قال فدخل عليها زوجها يوما فوجد ابن ميادة عندها فهم به هو وأهلها فقاتلهم وعاونته عليهم حسينة حتى أفلت ابن ميادة فقال في ذلك
( لقد ظلّتْ تُعاونني عليهمْ ... صَمُوتُ الحِجْل كاظمةُ السِّوارِ )
( وقد غادرتُ عيسى وهو كَلْبٌ ... يُقطِّع سَلْحَه خَلْف الجِدارِ )

ابن ميادة يمدح عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك

أخبرني يحيى بن علي بن يحيى قال حدثني إبراهيم بن سعد بن شاهين قال حدثني عبد الله بن خالد بن دفيف التغلبي عن عثمان بن عبد الرحمن بن نميرة العدوي عن أبي العلاء بن وثاب قال

قدم ابن ميادة المدينة زائرا لعبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك وهو أميرها وكان يسمر عنده في الليل فقال عبد الواحد لأصحابه إني أهم أن أتزوج فابغوني أيما فقال له ابن ميادة أنا أدلك أصلحك الله أيها الأمير قال على من يا أبا الشرحبيل قال قدمت عليك أيها الأمير فدخلت مسجدكم فإذا أشبه شيء به وبمن فيه الجنة وأهلها فوالله لبينا أنا أمشي فيه إذ قادتني رائحة عطر رجل حتى وقفت بي عليه فلما وقع بصري عليه استلهاني حسنه فما أقلعت عنه حتى تكلم فخلته لما تكلم يتلو زبورا أو يدرس إنجيلا أو يقرأ قرآنا حتى سكت فلولا معرفتي بالأمير لشككت أنه هو ثم خرج من مصلاه إلى داره فسألت من هو فأخبرت أنه للحيين وبين الخليفتين وأن قد نالته ولادة من رسول الله لها نور ساطع من غرته وذؤابته فنعم المنكح ونعم حشو الرحل وابن العشيرة فإن اجتمعت أنت وهو على ولد ساد العباد وجاب ذكره البلاد
فلما قضى ابن ميادة كلامه قال عبد الواحد ومن حضره ذاك محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وأمه فاطمة بنت الحسين فقال ابن ميادة
( لهم نَبْوَةٌ لم يُعْطِها اللهُ غيرَهم ... وكلُّ قضاء الله فهو مُقَسَّم ) قال يحيى بن علي ومما مدح به عبد الواحد لما قدم عليه قوله
( مَن كان أخطأه الربيعُ فإِنما ... نُصِرَ الحجازُ بغَيْثِ عبدِ الواحِد )
( إنّ المدينةَ أصبحتْ معمورةً ... بمُتَوَّجٍ حُلْوِ الشمائلِ ماجِد )
( ولقد بَلغتَ بغير أَمرِ تَكَلُّفٍ ... أعلَى الحظوظِ برغْم أَنْفِ الحاسدِ )
( وملكتَ ما بين العراق ويَثْرِبٍ ... مُلْكاً أجارَ لمسلم ومُعاهِدِ )
( مَالَيْهِما ودَميْهِما مِن بعد ما ... غَشَّى الضعيفَ شُعَاعُ سيفِ المارِدِ )

أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني سعيد بن زيد السلمي
إنا لنزول أنا وأصحاب لي قبل الفطر بثلاث ليال على ماء لنا فإذا راكب يسير على جمل ملتف بثوب والسماء تغسله حتى أناخ إلى أجم عرفته فلما رأيناه لثقا قمنا إليه فوضعنا رحله وقيدنا جمله فلما أقلعت السماء عنا وهو معنا قاعد قام غلمة منا يرتجزون والرجل لم ينتسب لناولا عرفناه فارتجز أحدهم فقال
( أنا ابنُ مَيَّادةَ لَبّاسُ الحُلَلْ ... أَمَرُّ من مُرٍّ وأَحْلَى من عَسَلْ ) حتى قال له الرجل يابن أخي أتدري من قال هذا الشعر قال نعم ابن ميادة قال فأنا هو ابن ميادة الرماح بن أبرد وبات يعللنا من شعره ويقطع عنا الليل بنشيده وسرينا راحلين فصبحنا مكة فقضينا نسكنا ولقيه رجلان من قومه من بني مرة فعرفهما وعرفاه وأفطرنا بمكة فلما انصرفنا من المسجد يوم الفطر إذا نحن بفارسين مسودين وراجلين مع المريين يقولون أين ابن ميادة فقلنا هاهو وقد برزنا من خيمة كنا فيها فقلنا لابن ميادة ابرز فلما نظر إلى المريين قال
( إحدَى عَشِيّاتِك يا شميرجْ ... )
قال وهذا رجز لبعض بني سليم يقوله لفرسه
( أقولُ والرّكبة فوقَ المِنْسَجْ ... إحدَى عَشِيَّاتِك يا شميرجْ )

ويروى مشمرج فقالوا لابن ميادة أجب الأمير عبد الصمد بن علي وخذ معك من أصحابك من أحببت فخرج وخرج معه منا أربعة نفر أنا أحدهم حتى وقفنا على باب دار الندوة فدخل أحد المسودين ثم خرج فقال ادخل يا أبا شجرة فدخلت على عبد الصمد بن علي فوجدته جالسا متوشحا بملحفة موردة فقال لي من أنت قلت رجل من بني سليم فقال مالك تصاحب المري وقد قتلوا معاوية بن عمرو وقالت الخنساء
( أَلاَ ما لِعيني أَلاَ ما لَها ... لقد أَخْضَلَ الدمعُ سِرْبالَها )
( فآلَيْتُ آسَى على هالكٍ ... وأسألُ نائحةً مالَها )
( أبعدَ ابنِ عمرو مِنَ آلِ الشَّرِيد ... حَلّتْ به الأرضُ أثقالَها )
( فإن تَكُ مُرّةُ أوْدَتْ به ... فقد كان يُكثِر تَقْتَالَها ) أترويها قلت نعم أصلح الله الأمير وما زال من المعركة حتى قتل به خفاف ابن عمرو المعروف بابن ندبة كبش القوم مالك بن حمار الفزاري ثم

الشمخي أما سمع الأمير قول خفاف بن ندبة في ذلك
( فإن تَكُ خَيْلي قد أُصِيب صَمِيمُها ... فَعَمْداً على عينٍ تَيمّمْتُ مالِكَا )
( تيمّمت كَبْشَ القوم حين رأيتُه ... وجانَبْتُ شُبّانَ الرِّجال الصَّعَالكَا )
( أقولُ له والرمحُ يأْطِرُ مَتْنَه ... تَأمّل خُفَافاً إنّني أنا ذَلِكَا )
وقد توسط معاوية بن عمرو خيلهم فأكثر فيهم القتل وقتل كبش القوم الذي أصيب بأيديهم فقال لله درك إذا ولدت النساء فليلدن مثلك وأمر لي بألف درهم فدفعت إلي وخلع علي
وأدخل ابن ميادة فسلم عليه بالإمرة فقال له لا سلم الله عليك يا ماص كذا من أمه فقال ابن ميادة ما أكثر الماصين فضحك عبد الصمد ودعا بدفتر فيه قصيدة ابن ميادة التي يقول فيها
( لنا المُلكُ إلاّ أنّ شيئاً تَعُدُّه ... قريشٌ ولو شئنا لداخَتْ رِقابُها ) ثم قال لابن ميادة أعتق ما أملك إن غادرت منها شيئا إن لم أبلغ غيظك فقال ابن ميادة أعتق ما أملك إن أنكرت منها بيتا قلته أو أقرررت ببيت لم أقله فقرأها عبد الصمد ثم قال له أأنت قلت هذا قال نعم قال أفكنت أمنت يابن ميادة أن ينقض عليك باز من قريش فيضرب رأسك فقال ما أكثر البازين أفكان ذلك البازي آمنا أن يلقاه باز من قيس وهو يسير فيرميه فتشول رجلاه فضحك عبد الصمد ثم دعا بكسوة فكساهم

أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال حدثنا عبد الصمد بن شبيب قال قال أبو حذافة السهمي
سب رجل من قريش في أيام بني أمية بعض ولد الحسن بن علي عليهما السلام فأغلظ له وهو ساكت والناس يعجبون من صبره عليه فلما أطال أقبل الحسني عليه متمثلا بقول ابن ميادة
( أظنَّتْ سَفَاهاً من سَفَاهة رأيِها ... أَنَ اهْجُوهَا لمّا هَجَتْني مُحَارِبُ )
( فلا وأبِيها إنّني بعَشِيرَتِي ... ونَفْسِيَ عن ذاك المَقَامِ لراغِبُ ) فقام القرشي خجلا وما رد عليه جوابا

مدح جعفر بن سليمان

أخبرني أبو خليفة إجازة عن محمد بن سلام قال
مدح ابن ميادة جعفر بن سليمان وهو على المدينة فأخبرني مسمع بن عبد الملك أنه قام له بحاجته عند جعفر وأوصلها إليه
قال فقال له جزاك الله خيرا ممن أنت رحمك الله قلت أحد بني مسمع قال ممن قلت من قيس بن ثعلبة قال ممن عافاك الله قلت من بكر بن وائل قال والله لو كنت سمعت ببكر بن وائل قط أو عرفتهم لمدحتك ولكني ما سمعت ببكر قط ولا عرفتهم ثم مدح جعفرا فقال
( لَعَمْرُكَ ما سيوفُ بني عليٍّ ... بنابِيَةِ الظُّبَاةِ ولا كِلاَلِ )
( هُمُ القومُ الأُلَى وَرِثُوا أباهُمْ ... تُرَاثَ محمَدٍ غَيرَ انتحالِ )
( وهم تَرَكوا المقالَ لهم رفيعاً ... وما تَرَكوا عليهم من مَقَالِ )
( حَذَوتُمْ قومَكم ما قد حَذَوْتُمْ ... كما يُحْذَى المثالُ على الِمَثالِ )

( فَرُدُّوا في جِراحكُمُ أسكم ... فقد أبْلَغتمُ مُرَّ النَّكالِ ) يشير عليه بالعفو عن بني أمية ويذكره بأرحامهم
أخبرنا بهذا الخبر يحيى بن علي عن سليمان المديني عن محمد بن سلام قال يحيى قال أبو الحارث المري فيما ذكره إسحاق من أخباره
قال جعفر بن سليمان لابن ميادة أتحب أن أعطيك مثل ما أعطاك ابن عمك رياح بن عثمان فقال لا أيها الأمير ولكن أعطني كما أعطاني ابن عمك الوليد بن يزيد

ابن ميادة يهجو بني أسد وبني تميم

قال يحيى وأخبرنا حماد عن أبيه عن أبي الحارث قال قال جعفر بن سليمان لابن ميادة أأنت الذي تقول
( بَني أَسَدٍ إن تَغْضَبوا ثّم تَغْضَبُوا ... وتَغْضَبْ قُرَيشٌ تَحْمِ قَيْساً غِضَابُها ) قال لا والله ما هكذا قلت قال فكيف قلت قال قلت
( بَني أَسَدٍ إن تَغْضَبُوا ثّم تَغْضَبُوا ... وتَعْدل قُرَيشٌ تَحْمِ قَيْساً غِضَابُها )
قال صدقت هكذا قلت
وهذه القصيدة يهجو بها ابن ميادة بني أسد وبني تميم وفيها يقول بعد هذا البيت الذي ذكره له جعفر بن سليمان
( وأحقرُ محقورٍ تَمِيمٌ أخوكُمُ ... وإن غَضِبَتْ يَرْبُوعُها ورِبَابُها )

( أَلاَ ما أباِلي أن تُنَخْدِفَ خِنْدِفٌ ... ولستُ أُباِلي أن يَطْنَّ ذُبابُها )
( ولو أنّ قَيساً قَيسَ عَيْلاَنَ أقسمِتْ ... على الشمس لم يَطْلُعْ عليكم حِجَابُها )
( ولو حاربتْنا الجنُّ لم نَرفع القَنَا ... عن الجنّ حتى لا تَهِرّ كِلاَبُها )
( لنا الُمْلُك إلاّ أنّ شيئاً تَعُدُّه ... قُرَيشٌ ولو شِئنا لَذَلَّتْ رِقابُها )
( وإن غَضِبتْ من ذا قُرَيشٌ فقُلْ لها ... مَعَاذَ الإِلهِ أن أكونَ أَهَابُها )
( وإني لقوّالُ الجوابِ وإنني لَمفَتجرٌ أشياءَ يُعيِي جوابُها )
( إذا غَضِبتْ قيسٌ عليك تقاصرتْ ... يداكَ وفات الرِّجلَ منك ركابُها ) قال إسحاق في خبره فحدثني جبر بن رباط بن عامر بن نصر قال فقال سماعة بن أشول النعامي يعارض ابن ميادة
( لعلّ ابنَ أشبانيّةٍ عارضتْ به ... رِعاءَ الشَّوِيّ من مُرِيح وعازِبِ )
( يُسَامِي فروعاً من خُزَيمة أحرزتْ ... عليه ثنايا المجد من كل جانبِ ) فقال ابن ميادة من هذا لقد أغلق على أغلق الله عليه قالوا سماعة بن أشول فقال سماعة يسمع بي وأشول يشول بي والله لا أهاجيه أبدا وسكت عنه
وقال عبد الرحمن بن جهيم الأسدي أحد بني الحارث بن سعد بن ثعلبة بن

دودان بن أسد يرد على ابن ميادة وهي قصيدة طويلة ذكرت منها أبياتا
( لقد كَذَبَ العبدُ ابنُ مّيادة الذي ... رَبَا وهي وَسْطَ الشَّوْلِ تَدْمَى كِعابُها )
( شَرَنْبَثة الأطرافِ لم يَقْنَ كَفَّها ... خِضَابٌ ولم تَشْرَقْ بعطرٍ ثيابُها )
( أرامّاحُ إن تَغْضَبْ صناديدُ خِندِفٍ ... يَهِجْ لك حَرْباً قَصْبُها واعتيابُها ) ويروى اغتيابها من الغيبة
واعتيابها من العيب
( ولو أَغْضَبَتْ قَيْسٌ قُرَيشاً لَجَدَّعَتْ ... مَسَامعَ قَيسٍ وهي خُضْعٌ رِقابُها )
( لقد جَرَّ رمّاحُ ابن واهصةِ الُخّصى ... على قومه حَرْباً عظيماً عَذَابُها )
( وقد عَلِمَ المملوحُ بالشؤم رأسُهُ ... قُتَيبةُ أن لم تَحْمِ قَيْساً غِضابُها )
( ولم تَحْمِها أيامَ قَتْلِ ابنِ حازمٍ ... وأيامَ قَتْلَى كانَ خِزْياً مُصابُها )
( ولا يَوْمَ لاقينا نُميرًا فَقُتِّلَتْ ... نُمَيرٌ وفَرَّتْ كَعْبُها وكِلاَبُها )
( وإن تَدْعُ قَيْساً لا تُجِبْكَ وَحَوْلَها ... خُيُولُ تميم سَعْدُها ورِبَابُها )
( ولو أنّ قيساً قيسَ عَيْلان أَصْحرت ... لأنواء غَنْمٍ غَرَّقتها شِعابها )
( ولو أنْ قَرْنَ الشمسِ كان لمعشرٍ ... لكان لنا إشراقُها واحتجابُها )
( ولكنّها لله يَمْلك أمرَها ... بقُدْرته إصعادها وانصبابُها )
( لَعَمْري لئن شابتْ حَلِيلةُ نَهْبَلٍ ... لبَئْسَ شبابُ المرءِ كان شبابُها )
( ولم تدرِ حَمْراءُ العِجَانِ أَنَهْبَلٌ ... أبوهُ أم المُرِّيّ تَبَّ تَبَابُها )

فإن يك رَمَّاحُ بنُ ميَّادةَ التي ... يُصِنّ إذا باتتْ بأرضٍ ترابُها )
( جَرَى جَرْيَ موهونِ القُوَى قَصَّرتْ به ... لئيمةُ أعراقٍ إليه انتسابُها )
( فلن تَسْبق المضمارَ في كلّ مَوْطِنٍ ... من الخيل عندَ الِجِّد إلاّ عِرابُها )
( وواللهِ لولا أنّ قَيْساً أذِلّةٌ ... لئامٌ فِلا يُرْضَى لًحٍّر سِبابُها )
( لأَْلْحقتُها بالزَّنْج ثم رَمَيْتُها ... بشنعاءَ يُعْيي القائلين جَوَابُها )

ابن ميادة وابان بن سعيد

أخبرني يحيى بن علي عن حماد عن أبيه قال
وجدت في كتاب أبي عمرو الشيباني فعرضته على أبي داود فعرفه أو عامته قال
أنا لجلوس على الهجم في ظل القصر عشية إذا أقبل إلينا ثلاثة نفر يقودون ناقة حتى جلسوا إلى أبان بن سعيد بن عيينة بن حصن وهو في جماعة من بني عيينة قال فرأيت أجلة ثلاثة ما رأيتهم قط فقلنا من القوم فقال أحدهم أنا ابن ميادة وهذان من عشيرتي فقال أبان لأحد بنيه اذهب بهذه الناقة فأطلق عنها عند بيت أمك فقال له ابن ميادة هذا يا أبا جعفر السعلاة أفلا أنشدك ما قلت فيها قال بلى فهات فقال
( قَعَدْتُ على السِّعلاة تَنقِضُ مِسْحَها ... وتُجْذَبُ مِثلَ الأَيْم في بُرة الصُّفْرِ )

( تُيَمِّم خيَر الناس ماءً وحاضراً ... وتَحْمِلُ حاجاتٍ تضمنَّها صدري )
( فإني على رَغْمِ الأعادي لقائلٌ ... وجَدْتُ خِيَارَ الناسِ حَيَّ بني بدرِ )
( لهم حاضرٌ بالَهْجم لم أرَ مثلها ... من الناس حيًّا أهل بَدْوٍ ولا حَضْرِ )
( وخيرُ مَعَدٍّ مجلساً مجلسٌ لهم ... يَفِيءُ عليه الظلُّ من جانب القَصْرِ )
( أخُصُّ بها رَوْقَيْ عُيَينة إنه ... كذاك ضحاحُ الماء يأوِي إلى الغَمْرِ )
( فأنتم أحقُّ الناس أن تتخيَّروا المياه ... وأن تَرْعَوْا ذُرَى البلد القَفْرِ )
قال فكان أول قائم من القوم ركضة بن علي بن عيينة وهو ابن عم أبان وعبدة بنت أبان وكانت إبله في العطن وهي أكرم نعم بني عيينة وأكثره قال ما سمعت كاليوم مديح قوم قط حكمك ماض في هذه الإبل ثم قام آخر فقال مثل ذلك وقام آخر وآخر فقال ابن ميادة يا بني عيينة إني لم آتكم لتتبارى لي شياطينكم في أموالكم إنما كان علي دين فأردت أن تعطوني أبكرا أبيعها في ديني
فأقام عند أبان بن سعيد خمسة عشر يوما ثم راح بتسع عشرة ناقة فيها ناقة لابن أبان عشراء أو رباعية
قال يحيى في خبره وقال يعقوب بن

جعفر بن أبان بن سعيد بن عيينة
إني على الهجم يوما إذ أقبل رجل فجعل يصرف راحلته في الحياض فيرده الرجل بعد الرجل فدعوته فقلت اشرع في هذا الحوض فلما شرع فسقى قال من هذا الفتى فقيل هذا جعفر بن أبان بن سعيد بن عيينة فقال
( بَنُو الصالحين الصالحون ومَن يكن ... لآباء سَوْءٍ يَلْقَهم حيثُ سَيَّرا )
( فما العود إلا نابِتٌ في أَرُومه ... أبى شَجَرُ العِيدان أن يتغيّرا ) قال إسحاق سألت أبا داود عن قوله
( كذاك ضحاحُ الماءِ يَجْرِي إلى الغَمْرِ ... ) فقال أراد أن الأمر كله والسؤدد يصير إليه كما يصير الماء إلى الغمرة حين كانت

ابن ميادة وأيوب بن سلمة

أخبرنا يحيى بن علي قال حدثنا أبو أيوب المديني قال أخبرني مصعب بن الزبير قال
ضاف ابن ميادة أيوب بن سلمة فلم يقره وابن ميادة من أخوال أيوب بن سلمة فقال فيه
( ظَلِلْنا وُقُوفاً عند باب ابن أختنا ... وظَلّ عن المعروف والمجدِ في شُغْلِ )
( صَفاً صَلَدٌ عند الندَى ونَعَامَةٌ ... إذا الحربُ أبدتْ عن نواجذها العُصْلِ )

قال أبو أيوب وأخبرني مصعب قال
قدم ابن ميادة على رياح بن عثمان وقد ولى المدينة وهو جاد في طلب محمد بن عبد الله بن حسن وإبراهيم أخيه فقال له اتخذ حرسا وجندا من غطفان واترك هؤلاء العبيد الذين تعطيهم دراهمك وحذار من قريش فاستخف بقوله ولم يقبل رأيه فلما قتل رياح قال ابن ميادة
( أمرتكَ يا رِيَاحُ بأمر حَزْمٍ ... فقلتَ هَشِيمةٌ من أهل نجد )
( وقلتُ له تحفَّظ من قُريشٍ ... ورَقِّع كل حاشيةٍ وبُردِ )
( فوجداً ما وَجَدْتُ على رِيَاحٍ ... وما أغنيتُ شيئاً غَيرَ وَجْدِي )

النساء في شعره

أخبرني عمي قال حدثني أحمد بن أبي طاهر قال حدثني أحمد بن إبراهيم ابن إسماعيل قال حدثني أكثم بن صيفي المري ثم الصاردي عن أبيه قال
كان ابن ميادة رأى امرأة من بني جشم بن معاوية ثم من بني حرام يقال لها أم الوليد وكانوا ساروا عليه فأعجب بها وقال فيها
( ألاَ حَبَّذا أمُّ الوليدِ ومَرْبَعٌ ... لنا ولها نُشْتُو به ونَصِيفُ ) ويروى
( . . . . . . . . . . . . . . . . ومَرْبع ... لنا ولها بالمشتوى ومصيفُ )
( حَرَامِيَّةٌ أمّا مَلاَثٌ إزارِها ... فَوَعْثٌ وأمّا خَصْرُها فلطيفُ )

( كأنّ القُرُونَ السُّودَ فوقَ مَقَذِّها ... إذا زَالَ عنها بُرْقُعٌ ونَصِيفُ )
( بها زَرَجُوناتٌ بقَفْرٍ تَنَسَّمت ... لها الريحُ حتى بينهنّ رَفِيفُ )
قال فلما سمع زوجها هذه الأبيات أتاها فحلف بطلاقها لئن وجد ابن ميادة عندها ليدقن فخذها ثم أعرض عنها واغترها حتى وجده يوما عند بيتها فدق فخذها واحتمل فرحل ورحل بها معه فقال ابن ميادة
( أتانا عامَ سار بنو كلابٍ ... حَرَاميّون ليسَ لهم حَرَامُ )
( كأنّ بيوتهم شجرٌ صِغارٌ ... بِقِيعانٍ تَقِيلُ بها النَّعامُ )
( حَرَاميّون لا يَقْرُون ضَيْفاً ... ولا يَدْرون ما خُلُقُ الكرامِ ) قال ثم سارت عليهم بعد ذلك بنو جعفر بن كلاب
فأعجب بامرأة منهم يقال لها أم البختري وكان يتحدث إليها مدة مقامهم ثم ارتحلوا فقال فيها
( أرِقتُ لِبَرْقٍ لا يُفَتِّر لامعُهُ ... بشُهْب الرُّبَى والليلُ قد نام هاجعُهُ )
( أرِقتُ له من بعد ما نام صُحْبَتي ... وأعجبني إيماضُه وتتابعُه )
( يُضيءُ صبَيِراً من سَحابٍ كأَنّه ... هَجانٌ أرنَّتْ للحنين نوازعُهْ )
( هَنِيئًا لأمّ البَخْتَرِيّ الرِّوَى به ... وإن أَنْهَجَ الحبلُ الذي النأْيُ قاطعُهْ )
( لقد جَعَل المُسْتَبضِعُ الغشّ بيننا ... ليَصْرِمَ حَبْلينا تَجُوز بضائعُهْ )

( فما سَرْحةٌ تَجْرِي الجداولُ تحتها ... بمطَّرد القِيعَانِ عَذْبٍ ينابِعُهْ )
( بأحسنَ منها يومَ قالتْ بذي الغَضَا ... أَتَرْعَى جديدَ الحبلِ أمْ أنتَ قاطعُهْ )
أخبرني عمي قال حدثني أحمد بن أبي طاهر قال حدثني أحمد بن إبراهيم قال
وذكر أبو الأشعث أن ابن ميادة خطب امرأة بني سلمى بن مالك بن جعفر ثم من بني البهثة وهم بطن يقال لهم البهثاء فأبوا أن يزوجوه وقالوا أنت هجين ونحن أشرف منك فقال
( فلو طاوعَتْني آلُ سَلْمَى بن مالكٍ ... لأعطيتُ مَهْراً من مَسَرَّةَ غاليَا )
( وسِرْبٍ كسِرْبِ العِين من آل جَعْفرٍ ... يُغَادِينَ بالكُحْل العُيُونَ السواجيَا )
( إذا ما هَبَطْنَ النِّيلَ أو كُنّ دونه ... بسَرْوِ الحِمَى ألْقَيْنَ ثَمّ المَرَاسِيَا )

مات في صدر خلافة المنصور

قال أحمد بن إبراهيم مات ابن ميادة في صدر من خلافة المنصور وقد كان مدحه ثم لم يفد إليه ولا مدحه لما بلغه من قلة رغبته في مدائح الشعراء وقلة ثوابه لهم

Publicité
Publicité
Commentaires
الهبة والموهبة لأبوين متباعدين
  • أمثلة من التاريخ لرجال وهبوا مواهب وقدرات خارقة ليست وراثة من أب أو أم ولكنها لحقتهم من تباعد أبويهم، ولأمم غلبها السيف وسبيت بناتها فأبدلهم الله عنهم نساء أباعد كان نسلهم منهم كثيرا وقويا
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
Publicité
Archives
Publicité